على قارعة “الرصيف”

على #قارعة#الرصيف

م. #أنس_معابرة

إذا أردت أن تتفكر في حال أهل #غزة اليوم؛ لن تجد مقولة تشرح حالهم وتصفه بدقة أكثر من مقولة غسان كنفاني حين قال: “يسرقون رغيفك، ثم يعطونك منه كِسرة، ثم يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم، يا لوقاحتهم”.

تخيل ماذا يحدث هناك! سأروي لك القصة باختصار، قام الكيان الصهيوني بهجوم بربري على قطاع غزة، وعجزت جميع الدول عن إيقاف هذا الهجوم، أو حتى التوصل إلى هدنة إنسانية، ونقص الغذاء والدواء والماء في قطاع غزة، وأضحى على مشارف مجاعة كبيرة لأكثر من مليونين من البشر، فما هو الحل لإغاثتهم؟

مقالات ذات صلة

جلس العالم على ركبتيه أمام قوة الاحتلال الغاشمة، يرجو منهم الموافقة على ادخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ولكن الاحتلال أدار لهم ظهره، وطردهم جميعاً، وأعلن تمرده على جميع القوانين الدولية والعرفية، ورفض ادخال المساعدات أو حتى إيقاف الهجوم على القطاع المكلوم.

هنا؛ وجدت بعض الدول طريقة سحرية لإدخال المساعدات إلى القطاع، فهم لا يستطيعون السكوت على جوع إخوانهم في القطاع، وكانت الطريقة تتمثل في الانزال الجوي، إذ تقوم طائرات عسكرية متخصصة بألقاء المساعدات من الجو، وذلك طبعاً في غفلة من العدو الصهيوني الذي لا يعلم بذلك الامر، ولا ينظر إلى سماء قطاع غزة المحاصر من البر والبحر والجو.

ولكن الدول المشاركة في عمليات انزال المساعدات وجدت أن الطريقة غير مجدية، لان كميات المساعدات قليلة، ويسقط العديد منها في البحر، بل سقطت كميات منها في المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، فما هو الحل؟

الحل يأتي من العم سام، الأب الرحيم والأم الرؤوم لدولة الاحتلال، الذي يقرر تحريك جنوده وقواته وامكانياته المادية والعسكرية لبناء رصيف بحري ملاصق لبحر غزة، من اجل ادخال المساعدات الإنسانية، وفي غفلة من العدو الصهيوني طبعاً.

المساعدات ستتجمع في جزيرة قبرص، ثم تتحرك إلى غزة لمسافة تتعدى 350 كليو متراً، ولرحلة بحرية تحتاج إلى أكثر من يوم كامل. تخيل! هم عاجزون عن ادخال المساعدات المتراكمة في معبر رفح المصريّ، أو من خلال المعبر القريب من الضفة الغربية، ولكنهم قادرون على احضارها من جزيرة قبرص.

هل تعلم أن الولايات المتحدة الامريكية التي دمرت فيتنام وأفغانستان والعراق وسوريا واليمن والسودان والصومال، ووقفت إلى جانب الكيان باستخدام “الفيتو” ضد وقف الحرب، اليوم يتدفق الحنان في قلبها ناحية أهل غزة، فتلقي لهم المساعدات تارة، وتبني لهم رصيفاً بحرياً تارة أخرى.

و هل تعلم أن الدول المشاركة في القاء المساعدات، هي ذاتها الدول التي تساعد في اطباق الحصار على غزة، وتمرر القوافل الكبيرة عبر الطريق البري الواصل إلى دولة الاحتلال، وهنا ندرك أن عملية القاء المساعدات ما كانت إلا عبارة عن عمليات “تلميع” لشخصيات وأنظمة ثبت تورطها في الدم المراق في قطاع غزة.

إن فيلم “الرصيف” الجديد، هو ثمار جهود مشتركة بين الاحتلال الصهيوني، والولايات المتحدة الامريكية، ودول اقليمية لا تريد لحماس أن تبقى، وتريد تصفية قضية القطاع بأسرع وقت ممكن، حتى يتسنى للاحتلال تصفية قضية الضفة، والعيش بأمان في ظل دولته اليهودية.

إن اليد التي تمتد إلى أهل غزة برغيف من الخبز، واليد الأخرى تمتد إلى جيش الاحتلال بأطنان من الذخيرة والصواريخ والقنابل، هي أيدي نجسة خبيثة، لا نرجو منها خيراً.

إن الهدف من “الرصيف” ما زال تحت الدراسة، ولكن المؤكد بأنه ليس لصالح أهل غزة، فإما أن يكون بهدف اطباق الحصار عليهم، أو بهدف التمهيد لاستخراج الغاز الموجود قبالة شواطئ غزة، أو بقصد ترغيب اهل غزة وتشجيعهم على الهروب إلى قبرص ومنها إلى دول أوروبا، بعد رفضهم الذهاب إلى رفح المصرية.

إن كان الخيار الأخير هو الصحيح؛ فهو ينطوي على مغامرة كبيرة، فأوروبا التي أغلقت أبوابها أمام السوريين وأعادتهم إلى الحدود التركية دون ملابس، وتركت عدة الاف منهم يموتون في البرد أو غرقاً في البحر، لن تفتح أذرعها لاستقبال أهل غزة، بل مهي مكيدة صهيو-امريكية للتخلص من اهل غزة في البحر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى