هل مات الدوار الرابع بعد وصفي؟ / عمر عياصرة

هل مات الدوار الرابع بعد وصفي؟
يعتبر الشهيد وصفي التل واحدا من اهم الرموز والقامات الوطنية التي مرت على الدولة الاردنية، فقد تعلق به وجدان الكثيرين، رغم انه كان جدليا في بعض المحطات.
قيمة رمزية وصفي التل لم تكن بسبب معارضته الحكم، اي انه لم يكن محسوبا على «المعارضة»، بل كانت بسبب ممارسته الحكم من خلال منصب رئيس الوزراء الذي تولاه اكثر من مرة.
كان في اعين الناس وطنيا، لا يداهن على الاردن، تنمويا يخطط للحظة القادمة باستقلالية عالية، ووفق رؤية غير ضبابية، كان قاسيا على نفسه يشبهنا في ملامحه وطريقة حياته.
وصفي فلاح من بلدي، أحب الأرض والدحنون والزعتر، لم يسرق مالا عاما، لم يمرر سرقة، لم يسمح بالتعدي على إنسانية الأردنيين، لم يسكن قصرا ولم يقتلع قمح عمان الغربية ليسكن متنعما فيها.
كان جريئا امام الملك، وحين كلف برئاسة الوزراء، لم يتنازل عن الولاية العامة، كان واضحا صريحا حين رفض دخول حرب 1967؛ خشية على الضفة الغربية والقدس.
وعلى امتداد اليوم السابق للحرب، شوهد وصفي منفعلاً عصبي المزاج، حيث كان رئيساً للديوان الملكي، ويقال انه ردد باستمرار: إن الخطر الداهم يزحف نحو أمتنا العربية، وأن الهزيمة قادمة، وأن الكارثة مقبلة على الأردن..
كان ممثلا لأبناء الحراثين في قناعته بأن الاردن دولة انتاج زراعي، كان يؤمن بالشراكة في الحكم، ويرفض ان تضيق الحلقات على اتخاذ القرار.
مات مديونا، واصابه الظلم في ايلول الاسود، تلك الفتنة الجدلية القاسية، لكنه بعد مرور الايام وتكشف الحقائق، ظل وصفي التل رمزا وطنيا له شرعية الظهور في زمن غياب الرجال وتعاظم الخطوب.
مرة اخرى، شهرة وصفي وحب الناس له جاءت من خلال قيامه بواجب الحكم، ولا عجب ان بعد موته تضاءلت تلك الصورة، واستفردت قوى بالولاية العامة، وعندها نقول بعدك يا ابا مصطفى «مات الرابع».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى