.أيوب و”الآخر”

[review]للمرّة الألف سنكتب عنكم، للمرة المليون سنكتب عنكم، ما دام هناك موت سنكتب عنكم، فقد خلقتم لتحيوا لا لتموتوا، للمرّة الألف سأنحت من الدمع نصباً تذكارياً لكلٍ منكم ايها الراحلون الخالدون.. للمرّة الألف سيتنفّس الجرح ألماً.. وللمرّة الألف تمرّ بين جفن العين ومائها..صورتك أنت ”أيها الآخر”.في تراثنا الحوراني يا ”طفلي”..عندما ينبت السن الأول في الفكّ العلوي، تحتفي الأمهات ”بزوال الشرّ” فتستحضر توأمك الحنطي من سباته الصيفي، وتدلق ذهب الحقول في طناجر الماء وتكون ”السليقة” بشرى للخليقة.في تراثنا الحوراني يا ”طفلي ”:عندما ينبت السن الأول أيها ”الآخر”، كما ينبت الهلال الصغير بين غيم كانون، تسلق الأمهات القمح وتوزّعه..الى أطفال الحي، إلى الأمهات المزمنات، الى الجارات الجالسات عند مشارف البيوت، الى الجدّات المتكوّرات في مثلث شمس الضحى.كم يطرب أمك صوت ”بابور” الكاز، وتنفس القمح المشبع، وطقوس ”السليقة” كل ذلك كان سيملأ الحي، لو أنك لم تمت..كل الحي كان سيعرف أنك أيها ”الآخر” قد ”سنّنت” وعشت، وأنك تخطّيت شهورك السبعة بامتياز..آه لو أنك لم ترحل أيها ”الآخر”..أو حتى ليتك لفظت اسمك.ايها ”الآخر” يا ابن الشهور السبعة، والأحلام السبعة، والأحزان السبعة، والعقود السبعة، ” لقد فتحت ثغرك ”للحلمة”….فتلقتك الصورة والرصاصة، ومت عطشانا ومحزونا..أيها ”الآخر” للمرة الألف اتساءل كيف رضعت موتك من صدرك وارتويت بهذه السرعة؟.***.وأنت يا ”طفلي” أيوب، يا صبر أيوب، يا وجع القلوب، نداؤك الذي وصل الدنيا: ”اذا عندكو رحمة اطعموني” لم يزل يرعبني، يعرقني، يطرق بابي كل لحظة، يخرج لي من بين أصابعي، من ضجيج مسامعي..قالوا أنك بقيت أربعة أيام من غير طعام، قالوا انك كنت تختبئ قرب أمك الشهيدة خائف من دائرة الدم، قالوا لقد أمسكت في الليل طرف ثوبها البارد..عندما سمعت حسيساً في الخارج، قالوا أنك ردّيت خصلة شعرها السمراء وداعبت الوجه النائم ، قالوا أنك كتبت بإصبعك المغموس بالدم..”احبّك حية وشهيدة”.قالوا وقالوا وقالوا..قالوا أن أيّوب شقّ بالأمس ”صدره” وأخرج نوراً بحجم القلب وقال:هذا أيوب وهذا ”صبره”… فمن يحمل عن ايوب ”صبره”…من يحمل عن ايوب ”صبره”. ahmedalzoubi@hotmail.comأحمد حسن الزعبي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى