أمامنا الأهم

أمامنا الأهم

مقال الأحد 4-11-2018

على ما يبدو أن الوطن بده “صفنه” وربما صفنه طويلة وعميقة هذه المرة ، سيما عندما يزداد المشهد تشويشاً واختلاطاً وتداخلاً، ويصبح ارتهان المواقف بردّات فعل انفاعلية غير مبنية على تروّ وعمق..فيبدأ فقدان التوازن..واللهاث وراء الإشكالي والشكلي وترك الثابت والمتفق عليه..
أصعب ما في المرحلة أننا لم نعد نحسن ترتيب أولوياتنا..لم نعد نهتم بتصحيح الأخطاء والتخطيط الطويل والمحاسبة اليومية ومتابعة البناء والتفكير بوجه الأردن بعد عام او عامين أو عشرة ..تخلينا عن الرؤية ، لصالح الانشغال بمعارك جانبية والالتهاء بمن نقد الأخطاء بدلاً من تصويبها..
يكثر الحديث هذه الأيام عن ” اغتيال الشخصية” بشكل مبالغ فيه ، ويكثر الحديث عن خطاب الكراهية ، وعن خطايا مواقع التواصل الاجتماعي بشكل متورّم ويثير الاستهجان ..بحيث صار الحديث عن اغتيال الشخصية و”حوارات” مواقع التواصل الاجتماعي ، هو الهم الوحيد والأولوية الأولى في الدولة والمؤرق المزعج والخطر الداهم بعد أن حلت كل المشاكل وصححت كل المسارات الضالة…فمثلاً لا حديث عن ولا اهتمام بقانون انتخابي عصري يفرز نخب وطنية حقيقية ، ولا حديث عن إطلاق الحريات والسماح للمعارضة بطرح مشروعها ورأيها بسياسة الحكومة وإدارة الدولة دون أن تستدعى أو تهدد أو تلام أو تحاصر ، الحديث يتورّم عن اغتيال الشخصية و لا حديث عن محاربة جادة للفساد وما نراه ونقرأه ونسمعه كل يوم خطير جداً ويزداد يوماً بعد يوم ربما “تقرير ديوان المحاسبة أحدها” ، الحديث يتورّم عن “اغتيال الشخصية” ولا حديث ولا إجراء حقيقي على لعبة تدوير المناصب التي تمضي على قدم وساق ، والإصرار على التمسك بوجوه سياسية مستهلكة رصيدها الشعبي 50 تحت الصفر على أنها فرض عين..الحديث يتورّم عن “اغتيال الشخصية” ولا حديث عن حال المؤسسات “المهترئة” وتخبطها في إدارة شؤونها وشؤون الدولة وخير دليل ما حدث في كارثة البحر الميت ..بالمناسبة الناس لا تغتال شخصية النظيف والوطني والنزيه ، الناس لا تضع إشارات استفهام إلا على من يستحقها، فلماذا ينزعج القوم إذا ما أشار البعض على من تدور حوله شبهات فساد؟؟..الناس المحبطة من التغيير تنتقد وتكتب لأنها قد أشبعت سلبية وقنوط من الإصلاح..لا لأنها شيطانية بطبعها ولا لأنها كارهة وحقودة وقلبها اسود وتحسدكم عافيتكم…
ثم أن خطاب الكراهية موجود في كل المجتمعات وعلى كل المنابر حتى أكثر المجتمعات تسامحاً ومحبة لا تستطيع أن تخفي أو تنكر الــواحد بالألف أو الواحد بالمليون صاحب الصوت المختلف والخطاب المختلف..معقول أن تترك هموم ومشاكل واحباطات الــ99.99% وتكرّس كل الدولة خطابها واهتمامها وأولوياتها الى العدد القليل..معقول ان نتجاهل كل ملفاتنا المفتوحة والساخنة والثقيلة ونتفرّغ لاغتيال شخصية فلان أو نشر صورة “بلان” أو تعليق علنتان؟؟؟..معقول هالكلام؟

غطيني ياكرمة العلي

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@gotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى