ها هو موسم الشتاء يطرق الأبواب و الشرفات بحبات المطر .. و يغسل القباب و المآذن .. و الطرقات .. و المدائن .. و يبعث رائحة الأرض كما أجمل عطر ، إذ تصبح الحقول مترعة .. و كما الحناء في حمرتها .. الشتاء .. بأمطار الخير المسكوبة من السماء ، ليروي الأرض بعد أن تشقق أديمها من العطش ، و هي تتشوق الرحمة ..و الشتاء بلياليه و أماسيه الجميلة .. حيث تسود السكينة ، و يحلو السمر .. الشتاء الذي عشناه و ارتسم في ذاكرتنا .. لمّة الأحباب من حول النار .. فاكهة الشتاء .. يمتزج الفرح بالحكايا و الآمال ، بموسم خصب قادم .. و أغاني الطفولة في الطرقات .. اشتي و زيدي .. بيتنا حديدي العصافير ، تعلن بدء موسم فرحها ، تحلق عاليا في السماء .. تغازل الغيم .. و تنتشي بحبات المطر . تغتسل و هي على الشرفات ، التي يلتمع قرميدها ، بعد أن غسلته الأمطار .. أي فرح .. و أي ايقاع جديد ليومنا و ليلنا .. السوق عامر بالخضروات من خيرات الأرض .. و الناس فرحون و هم بأبواب الدكاكين و المخابز .. و على أدراج المدينة و طرقاتها يحملون كل شهيّ و لذيذ و تتعالى الدعوات بالشكر و الحمد ، بعد أن طال انتظار الخير النازل من السماء .. المزاريب التي عطشت بالأمس شربت حتى ثملت .. و الأشجار ، كذلك و استحمت و نفضت غبار الصيف .. موسم الشتاء فرح و صفاء للنفوس و بحث عن دفء .. المحبة ، قبل دفء الأجسام .. موسم الشتاء .. بالصباحات الرطبة و الفطور بالخبز الساخن و الزيت الذي اعتصره المزارعون .. ما أجمل المواسم حين تتلاقى موسم الزيت و الزيتون .. و موسم المحبة ..و الفرح و عودة المساء .. و اجتماع الأسرة و التقاء المحبين .. و كل موسم و أنتم بخير – احمد مصطفى المثاني
