خاطرة الجمعة / د . عبدالله البركات

خاطرة الجمعة
التجريد اسلوب القران الكريم المفضل
التجريد لغة هو ازالة الاوراق عن الاغصان او الملابس عن الاجساد وهو اصطلاح ادبي وفلسفي يعني التخلص مما لا علاقة له بالفكرة الاساسية والهدف النهائي للعمل الادبي. فمثلاً لو اردنا تجريد قصة ما وقعت فعلاً لأشخاص معينين في مدينة معينه مع اشخاص اخرين فإننا نتخلص من كل اسماء الاماكن والمدن والاعمار المحددة بالسنين.
وهذا الاسلوب هو الغالب على قصص القران الكريم وامثاله. والهدف من ذلك حصر التفكير بالعبرة لا بالاشخاص والاماكن لكي لا يُظن ان الحادثة خاصة بأشخاصها واماكنها المذكورة فلا يعتبر بها عند ذلك الا قليلا.
والامثلة على ذلك كثيرة جدا. وباستثناء اسماء الانبياء ومدنهم لا نجد الا قليلاً من الاستثناءات لهذه القاعدة. فلم يذكر القران لنا اسماء اصحاب الكهف كما فعلت كتب اهل الكتاب، ولا اعمارهم واكتفى بأنهم فتية اي شباب. ولا حتى عددهم واكتفى بأنهم قلة ولا بلدهم وجنسياتهم. وكذلك كان الامر بالنسبة لاصحاب الجنة الذين اقسموا ليصرمنها مصبحين والرجلين المتحاورين والرجل الذي جاء من اقصى المدينة يسعى ولا حتى اسمي ابني آدم. وغيرهم كثير.
الا ان هناك استثناءات قليلة ذكر فيها اسم الشخص المعني لاسباب وجيهة جداً. فقد ذكر اسم زيد بن حارثة لأنه هو محور القضية وذكر خصوصيتها واجبة. كما ان اي تعبير تجريدي عنه لا يتسق مع بلاغة القران الكريم. فهل يقول الله تعالى اذن : فلما قضى حِبُّك منها وطراً، ام يقول فلما قضى ابنك بالتنبي الذي ابطلناه منها وطراً. ام يقول فلما قضى احدهم منها وطراً ام يقول فلما قضى الذي انعمت عليه منها وطراً. ولاحظ الفرق في البلاغة بين هذا الاقتراح الاخير ونفس العبارة القرانية .
الاستثناء الثاني لاسلوب التجريد هو ذكر اسم عم سيدنا ابراهيم آزر. وهنا كذلك كان ذكر الاسم لكي لا يظن ان الحديث كان عن والد ابراهيم بل عمه. والله اعلم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى