من كل بستان زهرة

من كل #بستان #زهرة

ماجد دودين

الحمد لله المتفرّد بوحدانية الألوهية، المتعزّز بعظمة الربوبية، القائم على نفوس العالم بآجالها، والعالم بتقلبها وأحوالها، ألمان عليهم بتواتر آلائه، المتفضل عليهم بسوابغ نعمائه، الذي أنشأ الخلق حين أراد بلا مُعين ولا مشير، وخلق البشر كما أراد بلا شبيه ولا نظير، فمضت فيهم بقدرته مشيئته، ونفذت فيهم بعزّته إرادته، فألهمهم حسن الإطلاق، وركب فيهم تشعب الأخلاق، فهم على طبقات أقدارهم يمشون، وعلى تشعّب أخلاقهم يدورون، وفيما قضى وقدّر عليهم يهيمون و (كُلُّ حِزْبٍ بمَا لَديْهِمْ فَرِحُونَ)

وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر السماوات العلا، ومنشئ الأرضين والثرى، لا معقّب لحكمه ولا رادّ لقضائه (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)

مقالات ذات صلة

واشهد أن محمدا عبده المُجتبى، ورسوله المُرتضى، بعثه بالنور المضيء، والأمر المرضي، على حين فترة من الرسل، ودروس من السبل، فأكمل به الإيمان، وأظهره على كلّ الأديان، وقمع به أهل الأوثان، فصلى الله عليه وسلم ما دار في السماء فلك، وما سبّح في الملكوت ملك، وعلى آله أجمعين!


الواجب على العاقل أن يكون بما أحيا عقله من الحكمة أكلف وأحرص منه على ما أحيا جسده من القوت، لأن قوت الأجسام المطاعم، وقوت العقل الحكمة، فكما أنّ الأجساد تموت عند فقد الطعام والشراب، وكذلك العقول إذا فقدت قوّتها من الحكمة ماتت.


العقل دواء القلوب، ومطية المجتهدين، وبذر حراثة الآخرة، وتاج المؤمن في الدنيا، وعدّته في وقوع النوائب، ومن عدم العقل لم يزده السلطان عزا، ولا المال يرفعه قدرا، ولا عقل لمن أغفله عن أخراه ما يجد من لذة دنياه، فكما أن أشد الزّمانة ” العاهة المزمنة” الجهل، كذلك أشد الفاقة عدم العقل.

والعقل والهوى متعاديان، فالواجب على المرء: أن يكون لرأيه مسعفا، ولهواة مسوّفا. فإذ اشتبه عليه أمران أجتنب أقربهما من هواه؛ لأن في مجانبته الهوى إصلاح السرائر، وبالعقل تصلح الضمائر.

إذا تم عقل المرء تمت أموره … وتمت أياديه، وتم بنــــــــاؤه

فإن لم يكن عقلٌ تبيّن نقصه … ولو كان ذا مال كثيرا عطاؤه


لما أهبط الله آدم من الجنة أتاه جبريل، فقال: إني أمرت أن أخيرك في ثلاثة، فاختر واحدة، ودع اثنتين، فقال آدم: وما الثلاث؟ قال: الحياء والدين والعقل، فقال آدم: فإني قد اخترت العقل، قال: فقال جبريل للحياء والدين: انصرفا ودعاه، فقالا: إنا أمرنا أن نكون مع العقل حيث كان، ثم عرج جبريل وقال: شأنكم.


لا ينفع الاجتهاد بغير توفيق، ولا الجمال بغير حلاوة، ولا السرور بغير أمن، كذلك لا ينفع العقل بغير ورع، ولا الحفظ بغير عمل، وكما أن السرور تبع للأمن، والقرابة تبع للمودة، كذلك المروءات كلها تبع للعقل.


ألم تر أن العقل زين لأهله … وأن كمال العقل طول التجــــــــارب

وقد وعظ الماضي من الدهر ذا النهى … ويزداد في أيامه بالتجارب


الواجب على العاقل أن يكون حسن السمت طويل الصمت، فإن ذلك من أخلاق الأنبياء، كما أن سوء السمت وترك الصمت من شيم الأشقياء


لو أن العقل شجرة لكانت من أحسن الشجر، كما أن الصبر لو كان ثمرة لكان من أكرم الثمر.


أوّل شُعبِ العقل لزوم تقوى الله، وإصلاح السّريرة، لأن من صلح جوّانيه وباطنه أصلح الله برّانيه وظاهره، ومن فسد جوانيه وباطنه أفسد الله برانيه وظاهره.

ولقد أحسن الذي يقول:

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل … خلوت، ولكن قل: عليَّ رقيب

ولا تحسبن يغفل ساعة … ولا أن ما يخفي عليه يغيــــــــــــــــب

ألم تر أن اليوم أسرع ذاهب … وأن غدا للناظرين قريــــــــــــب؟


اتخذ طاعة الله تجارة تأتك الأرباح من غير بضاعة


يا بن آدم، اتق ربك، وصل رحمك، وبر والديك، يمد لك في عمرك، وييسر لك، يسرك، ويصرف عنك عسرك


قلوب الأبرار تغلى بأعمال البر. وإن قلوب الفجار تغلي بأعمال الفجور


وإذا أعلنت أمرا حسنا … فليكن أحسن منه ما تُسِر

فمُسِرّ الخير موسومٌ به … ومُسِرّ الشرّ موسوم بِشَر


وإِذا بحثْتَ عــن التقيِّ وجدتـهُ **** رجلاً يصدقُ قولهُ بفعــــــــالِ

وإذا اتقـى اللّه امـرؤٌ وأطاعَـهُ **** فيداه بين مكارمٍ وفعـــــــــــالِ

وعلى التقى إِذا تراسخَ في التقى **** تاجان تاجُ سَكينةٍ وجمـالِ

وإِذا تناسَبَتِ الرجـالُ فمـا أرى **** نسباً يكونُ كصالحِ الأعمالِ


وإذا تشاجر في فؤادك مرة … أمران، فاعمد للأعفّ الأجمل

وإذا هممت بأمر سوء، فاتئد … وإذا هممت بأمر خير فافعل


تَخَيَّرْ قَرِيناً مِنْ فِعَالِكَ إِنَّمَا *** قَرِينُ الْفَتَى فِي الْقَبْرِ مَا كَانَ يَفْعَــــــــلُ‏

فَلَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْ أَنْ يُعِدَّهُ *** لِيَوْمٍ يُنَادَى الْمَرْءُ فِيهِ فَيُقْبِـــــــــــــــلُ‏

فَإِنْ كُنْتَ مَشْغُولًا بِشَيْ‏ءٍ فَلَا تَكُنْ *** بِغَيْرِ الَّذِي يَرْضَى بِهِ اللَّهُ تَشْغَلُ‏

فَمَا يَصْحَبُ الْإِنْسَانَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ *** وَمِنْ قَبْلِهِ إِلَّا الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ‏

أَلَا إِنَّمَا الْإِنْسَانُ ضَيْفٌ لِأَهْلِهِ *** يُقِيمُ قَلِيلًا عِنْدَهُمْ ثُمَّ يَرْحَــــــــــــل‏


تعلم فليسَ المرءُ يولدُ عالماً وَلَيْسَ أخو عِلْمٍ كَمَنْ هُوَ جَاهِلُ

وإنَّ كَبِير الْقَوْمِ لاَ علْمَ عِنْدَهُ صَغيرٌ إذا الْتَفَّتْ عَلَيهِ الْجَحَافِلُ

وإنَّ صَغيرَ القَومِ إنْ كانَ عَالِماً كَبيرٌ إذَا رُدَّتْ إليهِ المحَافِلُ

اصبر على مرِّ الجفا من معلمٍ فإنَّ رسوبَ العلمِ في نفراتهِ

ومنْ لم يذق مرَّ التعلمِ ساعة ً تجرَّعَ ذلَّ الجهل طولَ حياته

ومن فاتهُ التَّعليمُ وقتَ شبابهِ فكبِّر عليه أربعاً لوفاتــــــــــه

وَذَاتُ الْفَتَى ـ واللَّهِ ـ بالْعِلْمِ وَالتُّقَى إذا لم يكونا لا اعتبار لذاتهِ


لا تكون عالما حتى تكون متعلما، ولا تكون بالعلم عالما حتى تكون به عاملا


يا طالب العلم باشر الورعا … وباين النوم، واهجر الشبعا

ماضر عبدا صحّت إرادته … أجاع يوما في الله أو شبعا

ماضر عبدا صحّت عزائمه … أين من الأرض، أينما صقعا

ما طمعت نفس عابد فنوى … سؤال قوم إلا لهم خضعا

يا أيها الناس، ما لعالمكم … في بحر ماء الملوك قد كرعا

يا أيها الناس، أنتم زرع … يحصده الموت كلما طلعا


أَقْلِلْ كلامكَ واستَعِذْ من شرِّهِ إنَّ البلاءَ ببعضِهِ مقرونُ

واحفَظْ لسانَكَ واحتَفِظْ من غَيِّهِ حتى يكونَ كأنَّهُ مسجونُ

وكِلْ فؤادَكَ باللسانِ وقُلْ لَهُ إنَّ الكلامَ عَلَيكُمَا مَوزونُ

فَزِنَاهُ وليَكُ مُحْكَمًا ذا قِلَّةٍ إنَّ البلاغةَ في القليلِ تكونُ


تعاهد لسانك إن اللسان … سريع إلى المرء في قتله

وهذا اللسان بريد الفؤاد … يدل الرجال على عقله


إِن كانَ يُعجِبُكَ السُكوتُ فَإِنَّهُ قَد كانَ يُعجِبُ قَبلَكَ الأَخيارا

وَلَئِن نَدِمتَ عَلى سُكوتِكَ مَرَّةً فَلَقَد نَدِمتَ عَلى الكَلامِ مِرارا

إِنَّ السُكوتَ سَلامَةٌ وَلَرُبَّما زَرَعَ الكَلامُ عَداوَةً وَضِرارا

وَإِذا تَقَرَّبَ خاسِرٌ مِن خاسِرٍ زادا بِذاكَ خَسارَةً وَتَبارا


ما ذل ذو صمت، وما من مكثر … إلا يزل، وما يعاب صموت

إن كان منطق ناطق من فضة … فالصمت در زانه الياقوت


إذا ما المرء أخطأه ثلاث … فبعه، ولو بكف من رماد

سلامة صدره، والصدق منه، … وكتمان السرائر في الفؤاد


إذا قلَّ ماءُ الوجهِ قلَّ حياؤهُ فلا خيرَ في وجهٍ إذا قلَّ ماؤهُ
حياءَك فاحفظْه عليك فإنَّما يدلُّ على فضلِ الكريمِ حياؤهُ


إذا لم تخش عاقبة الليالي … ولم تستحي فاصنع ما تشاء

فلا والله، ما في العيش خير … ولا الدنيا إذا ذهب الحياء

يعيش المرء ما استحيا بخير … ويبقى العود ما بقي اللحاء


إن المرء إذا أشتد حياؤه صان عرضه، ودفن مساويه، ونشر محاسنه، ومن ذهب حياؤه ذهب سروره، ومن ذهب سروره هان على الناس ومُقت، ومن مقت أوذي، ومن أوذي حزن، ومن حزن فقد عقله، ومن أصيب في عقله كان أكثر قوله عليه لا له، ولا دواء لمن لا حياء له، ولا حياء لمن لا وفاء له، ولا وفاء لمن لا إخاء له، ومن قل حياؤه صنع ما شاء وقال ما أحب.


الواجب على العاقل أن يتحبب إلى الناس بلزوم حسن الخلق: وترك سوء الخلق؛ لأن الخلق الحسن يذيب الخطايا، كما تذيب الشمس الجليد، وإن الخلق السيئ ليفسد العمل، كما يفسد الخل العسل، وقد تكون في الرجل أخلاق كثيرة صالحة كلها، وخلق سيئ، فيفسد الخلق السيئ الأخلاق الصالحة كلها

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى