.كيف ترى “بسكليتتي”؟؟؟

[review] 
 
مقال الاحد 17-6-2012
النص الاصلي
 
لا أعرف كيف استطاعت حكوماتنا أن تصمد  شهور طويلة تحت ضغط وإلحاح الشعب على نفس المطالب ولم تصب “بالصرع” او الرضوخ ، بينما أنا لم اصمد أكثر من ثلاثة أيام تحت إلحاح ابني الأوسط 5 سنوات ..حتى انهرت أمامه وقبّلت يديه ودموعي تملأ وجهي طالباً منه أن يعتقني لوجه الله..
منذ ان انهى أخوه الأكبر “عبود”امتحاناته المدرسية ..وهو يكرر ذات الطلب كل خمس دقائق..”اشتريلنا بسكليتات”..فأردّ عليه بكلمات تطمينية لا تسمن ولا تغني من جوع  ”طيب ..ان شاء الله..بس افضى”…
اذا ما لمحني ألبس قميصي حتى يعود للسؤال: ” رايح تشتري لنا بسكليتات”؟..واذا ما شاهدني أدخل البيت حتى يعود لنفس النغمة “جبت لنا البسكليتات”؟..حتى اذا ضبطني وانا خارج من الحمام سألني “وين البسكليتات” ؟..فأجيبه اجابه لا تسره ابداً..
ثلاثة أيام انام على نفس المطلب..واصحو على نفس المطلب..بصراحة استنفذت كل الحجج التي يمكن ان يقدمها أب كسول مثلي ..من ربط شراء “الخايسات” بنزول الراتب ..وانخفاض حرارة الجو.. وإقرار قانون انتخابي جديد، ورحيل الحكومة..كما لم تجدِ معهما  حجة وفاة حماة صاحب محل” البسكليتات”..ولم يعد يعجبهما قصة مراحل التحضير وبان المشغل ما زال في طور تصنيع العجلات أو ينتظر شحنة “جنازير” أصلية من كوريا..هلكني هذا الكائن اللحوح لكثرة ما كرر نفس الطلب وأعاد نفس الكلمات، حتى رضخت له أخيراً – يوم امس-  واحضرت لهما دراجتين كبيرتين تسدان نموهما على الأقل لخمس سنوات قادمة ، وانا أقبل يديه و”كوعيه” و”أذنيه” وأقول له بعرض كرمة العلي هاي جبتلك “بسكليتة” بس اعتقني لوجه الله..
 
بعد ان أحضرت “الماخوذتين” بدأت أرقابهما من خلف نافذتي  وهم يحاولان القيادة في حوش الدار ،منذ الظهيرة وحتى الغروب وهما يحولان السيطرة على المقود دون جدوى ، فارتفاع الكرسي واتساع “قودين” التوازن حال دون استمتاعهما او إيصالهما الى بر الأمان ..بعد ان يجلسا للحظات على المقعد ، يتأرجحان، ينحرف عجليهما الأماميين عن استقامة المسار  ثم يسقطان على الارض..أو يصطدمان ببعضهما بعضا…المهم حاصل جمع ما قطعوه من امتار طوال النهار تقريباً يراوح الصفر..
 
بالأمس فقط عرفت ما تعنيه عبارة “الدم للركب” ..فبعد الفحص السريري على جسديهما العاريين قبل النوم ،اكتشفت انه لا يوجد سنتمتراً واحداً الا و فيه “طعنة قودين” ،أو “خمشة  بريك”..أو سحجة “جذع زيتون” أو “لخّة دعّاسة ” ..أو”عضة جنزير”، من باطن القدم  و الكاحل مروراً بالركبة والخصر والبطن والرقبة والعمود الفقري  وانتهاءاً بالابطين والوجه، كلها  كانت عبارة عن لوحة للعلامات الفارقة و”الدعادير” والكدمات العشوائية…
نظرت إليهما وانا حزين على وضعهما لكني “متشفٍ” على “ملاخمتهما” وعباطتهما في نفس الوقت، كان بإمكانهما ان يعتذرا عن قبول الدراجتين العاليتين أو يعترفا بضعف سياقتهما منذ البداية ،  ويريحاني ويحفظان سلامتهما!!!…
 
المهم ، نومهما المبكر على غير العادة ، ولاصق “البلاستر” الذي يغطي مناطق متفرقة من أطرافهما  أوحيا لي بقناعة متأخرة مفادها: (( لا تعطي الولد اشي أكبر منه..بيوجع راسك و”بيهبّر” حاله )).
 
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى