تسلّقْ … / جمال الدويري

تسلّقْ …
تأنق يا هذا قبل الطباعة وبعدها…وتسلق وتملق…وامسح جوخك في كل زقاق وسوق, وبع نفسك…ضميرك…قلمك, واقبض ثمن الكلمات والنقط والفواصل, ولا تتردد بحساب الفراغات وما بين السطور, واعتقد كما تريد, بأنك جهبذ عصرك وكاتب زمانك, وتنطع كما تشاء, وسمّ ذلك انتماء وولاء, لملم رماد العلم المحروق, وحاول مسح الذاكرة من الذاكرة, وتستر على شعارات الجانحين على الحيطان, وشريط البطولات الورقية المشلحة, وتصنع النسيان يا فلان, واهذي كلما راق لك الهذيان, واركب كما ترى كل زمان ومكان, وارفع سعرك ان استطعت, ونوع النقد وعدد الأصفار على يمين العدد, افعل كل هذا وأكثر, وقاوم وجودك صفرا على يسار الأعداد والحسابات.
افعل يا هذا, كل هذا وأكثر, علّك تشبع جوع الأنا المهزوزة لديك, وعلك تروي نرجسيتك المريضة في مرآة ذاتك المتلوية مثل ثعبان يعض بطنه, عندما لا يجد ما يعض.
اقنعهم بأنك بطلا تدافع عنهم, وشهيدا على أعتاب البلاط وحيطانه وسقفه وبين مراكيبه, واضرب مثلا بالخسة والنذالة والسقوط, نعم, كن سقطا للوهم, وتوأما للرذيلة كما ينبغي لرزيل شخصك, اطلق فوح العفن الآدمي في كل الاتجاهات, كما ترسل الريح الكُره والتنطع والأذى. وتنطع كما يحلو لك يا ابن الجهل والجهالات وأخ السوقية والتفاهات.
تدلى خفاشا أعمى من سقف كهف لدن, او حلق مثل رخمة تنتظر في سربها الضال, مشهد سوءة جيفة نافقة, لتهوي اليها ذات جشع, تنق منها التالف الموبوء, وما تركه الأحرار المحلقة فوق الفوق, والشواهين القناصة القادرة على كل غصيب, ولتشبع بالمتروك منها نهم الجمع وفراغ البطن.
واكتب…واكتب…واكتب, ايها الكويتب, كما ترغب, اقنع نفسك زورا وبهتانا وصلافة بهرفك وقرفك, وطلّق عفائف الكَلِم, وتنكر لنبل رسالة اللغة والضاد, اطلق رصاصة الرحمة على شرف الاعلام والسلام والكلام وهدل الحمام, واغرس انيابك المجوفة الخبيثة اين تريد, وفي اي وريد تريد, واسكب سُمَّكَ في بدن الوطن ودفء الحضن, وجرّب صبر الأرادنة وطيبتهم واختبر كرم موروثهم وحسن خلقهم وفروسيتهم.
ولكنني انصحك يا هذا, مع كل هذا, ان لا تقترب من كرامة الأرادنة, او تمر ولو طيرانا فوق فخرهم وزهوهم وكبريائهم, ولتعلم بربك, ان منظومة الشرف لا تحمي المغفلين وأن قانون الكرامة لا تسامح المعتدين الخاسئين, ولا تستوعب قيأهم الفكري المزري, ولا توفر ألسنة الأفاعي او تقيها ساطور الحق وشفرة الحقيقة.
وإياك إياك, ان تحاول المزاودة على احفاد الأرادنة الأوائل من البناة والحماة, وهم رذاذ ندى الطيب المعطاء في فجر الأمل الواعد, الذي ينتثر على اليباب فيحييه, ووينتشر علىى الأرض المتفطرة عطشا فيغدق خيرها ويثمر نخيلها, ولكنهم ايضا, رذاذ الدم, بل صبيبه, الذي يصبغ النطع تحت كل خوان, وخضيب حد السيف الذي يقتص من كل ناكر جميل شتّام لعّان.
انهم يا هذا, وان كنت تجهلهم, الراية والبيرق وسنام الغيم, السابحة في فضاءات لا تكاد تصل بأحلامك ولا كوابيسك, ولا في قدرتك على التصور والخيال.
انهم ايها الدّجال الأشر, ليسوا في عالم حساباتك العويصة وماديتك الرخيصة, ولا أنت في واقع حساباتهم, ولا سموهم البعيد ومجدهم التليد.
أعرفت نفسك ومن أنت؟ ولا تطمع ان اجود عليك بذكر اسمك أيها النكرة الدون.
أما من دفعك ودفع لك واشتراك وغرر بك ومنح قفاك مقعدا لتتاجر وتبتز وترغي وتزبد وتصف وتهدد وتجدع انف وسوية الكتابة, وتتباهى بصفط المصطلحات, فتجرأت على الفحيح والرديح, فما أسوأ من مسيلمة غير من صدقه ودفع له, وقد دفعوا الأثمان قبلك, وخسروا ثقة الأردنيين الأحرار الشرفاء.
كنت اريد مرور الكرام على تخبيص اللئام, ولكنكم اسأتم بهذا فهم الرسالة, واعتقدتم بذلك ما يسمح لكم بالتمادي وثني القوس الى ما بعد صبرنا وسماحتنا, فكان هذا الاعلان والاعلام, علكم تفيئون الى الصواب والرشد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى