احمد الدقامسة / جروان المعاني

احمد الدقامسة

الحياة تتجدد باستمرار وكثيرا ما نسعى في مرحلة ما، في لحظة ما من ايامنا، الى اتخاذ قرارات جذرية تعيد صياغة افعالنا وفق معطيات تلائم قناعتنا .
مثلا الجندي احمد الدقامسة ذات يوم كان في وظيفته يقوم على حراسة حدود بلده، يؤدي واجبه العسكري كجندي مؤمن بقدر الله، قيل ان الشمس كانت حانية حين غادر مودعا اولاده وقريته ابدر في لواء بني كنانة والتي تعرضت لغارات جوية اسرائيلية اثناء عدوانها على بلادنا، كان هذا الرجل يرى بشاعة الصهاينة وقتلهم لأبناء جلدته وبشاعة الجندي الصهيوني وقسوته فتشكلت قناعته بضرورة الانتقام والمساهمة في الدفاع عن وطنه وعن القدس وأهلها، ببساطة كان احمد الدقامسة اصدقنا وأكثرنا شجاعة فدفع عشرين عاما من عمره خلف القضبان .
في 13/3/1997م كانت عملية الباقورة وفي 13/3/2017م سيخرج احمد ليولد في عين الشمس من جديد، ليعود الى حضن امه التي نادت عليه يوما اثناء المحاكمة قائلة (يمه ارفع راسك) ليرد عليها الشرفاء (وين الكرامة يمه) سيخرج ليلتقي بحرية مع سيف الدين والبتول ونور الدين، ابنائه الذين يتوقون لاشتمام رائحة العزة والكبرياء منه ، سيخرج لقريته الوادعة التي زرتها مرارا عام 2000م حين كنت اعمل في منطقة المنارة والتي ما وجدت اطيب من رمانها وزيتونها، القرية التي تحاذي قرية حاتم الطائي، سيخرج ليسجل للتاريخ قصة مجد ويعلنها مدويةً انا باقون ما بقي الزيتون، وان بني صهيون لن ينعموا بالسلام ما دامت نساؤنا تنجب من هم بعظمة هذا الدقموسي .
سيخرج احمد ليجد ان الغلاء استعر وان فقر الناس زاد لكن كرامتهم ما زالت غالية الثمن وان كبريائهم يكابر على الحاجة والعوز، وسيدرك انه مذ سجن في حكومة الكباريتي وحتى حكومة الملقي ما تغير في تاريخ السلب والنهب شيئا، فكما نهبوا من عمره عشرين عاما نهبوا الفوسفات والبوتاس وأكلوا الاخضر واليابس، وان هناك كروشا لا تشبع وانه وحده والشرفاء يدفعون ثمن الخبز الذي يأكلونه عرقا ودما وغربةً .
سيلتقي الاحرار بأحمد وستُكتب في حريته الاشعار، وسيسعى الجميع لالتقاط الصور معه، ووحدها امه وأولاده وبعض الشرفاء سيبدؤون بمراسم حمايته من يد الغدر التي قد تطاله، فما عرف عن اسرائيل من غدر وخيانة يدفعنا ان نحذر وان نتنبه لسلامته وسلامة اسرته، والى ضرورة ان يعيش بطمأنينة بين اهله وابنائه الذين امسو رجالا، وسيروي لهم حكايته وسيروون له عن كل ايام حياتهم التي قضوها بعيدا عنه ليمتزج الفرح بالدمع، وستلقاه والدته بدموع الكبرياء الممزوج بالصبر، وستبقى امه تنظر له انه ما زال طفلها الجميل، وسأنظر له بكل اجلال وإكبار وأدعو له مع كل الاحرار والشرفاء بطول العمر والسلامة.
سيعود احمد لأرضه ويقلم اشجارها ويرويها من عرق جبينه وسيتذكر طفولته وكل من رحلوا وهو في سجن العزة والإباء، اكتُب هذا وأنا من رددت اسمه ألاف المرات امام طلابي وزملائي، ولأخبره انه عاش في وجداني طوال فترة سجنه وانه سيبقى مخلدا في كتب التاريخ كأردني من الأحرار وفردا من افراد الجيش الاردني الذي دوما سيبقى مستعدا للذود عن شرف نهر الاردن بجناحيه ليبقى محلقا في دنيا الكرامة، وليخبر الصديق قبل العدو ان القدس لنا .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى