لو بزبط نرکّبهم! / صالح عربیات

لو بزبط نرکّبهم!

ظل عندنا على باب الدار دالیة عنب حبتھا قد عین النملة، وطعمھا لا یصلح إلا لمرضى السكري،
وكل من كان یشاھدھا في ھذه الحالة من الضعف كان یعتقد أننا كنا نقوم بتعذیبھا لا بتربیتھا.. لأن
كل إنتاج الدالیة ما بشبع ولد في الصف الثاني فتم نصحنا أن نقوم بتركیبھا، وھي أن تأخذ عینة من
دالیة معروفة بحبتھا الكبیرة وطعمھا اللذیذ.. ویقوم متخصص بالتراكیب بنقلھا الى دالیتنا وزراعتھا
في أغصانھا بطریقة فنیة متخصصة، وبعد ان ینھي عملیتھ المعقدة یقوم بلف مكان الزراعة بقطعة
شاش كما لو أنھ قام بزراعة كبد، وفي الموسم اللاحق فعلا تلاحظ نجاح عملیة نقل التركیبة فقد
أصبحت حبة العنب بحجم عین الفیل بعد ان كانت لا ترى إلا بالمجھر.
تمنیت أن تنجح مثل تلك التراكیب بنقلھا بین البشر.. فقد صعقت أن وصول باخرة قمح واصطفافھا
في میناء العقبة بنجاج أصبح عنوانا للانجاز في بلدي ویتصدر معظم نشرات الأخبار.. مع أن دولا
أصبح لدیھا خط نقل عام على القمر ومركباتھا الفضائیة كل یوم تصعد وتھبط بنجاح دون ذكر ذلك
في وسائل الأعلام، ونحن نھلل ونفرح ونذبح عجلا لاصطفاف باخرة بنجاج!
الى ھنا وصلنا من حالة الضعف والھوان لنفرح لمجرد اصطفاف باخرة، لذلك تمنیت لو أننا ننجح
بنقل تركیبة من وزیر نقل یاباني الى وزیر نقل أردني، وكیف اعتذروا على ان مجموع تأخر
القطارات عن مواعیدھا قد بلغ عشر ثوان طوال العام، وأنا حین اضطررت لاستعمال أحد
الباصات العمومیة في أحد الأیام كان الوقت الذي انتظرناه في الباص حتى یمتلئ ویتحرك ھو نفس
الوقت الذي تحتاجھ عملیة قلب مفتوح، وعلى بعض الخطوط من تصعد وھي حامل في الشھر
السابع قد تصل الى وجھتھا وابنھا بحبي وبسنن وممكن تكون فطمتھ!
كم تمنیت أن ننقل تركیبة من وزیر طاقة أمیركي الى وزیر طاقة أردني، فھم یخزنون النفط
لعشرات السنوات مستفیدین من شرائھ بأسعار منخفضة حتى یكون بأسعار معقولة للمستھلكین

طوال العام، ووزیرة الطاقة لدینا لا تعلن إلا عن ارتفاع أسعار النفط او انخفاضھ، فما حاجتنا إذا
لكل تلك الكوادر والمستشارین والمباني لوزارة مھمتھا فقط متابعة أسعار النفط و یستطیع ان یقوم
بھذه المھمة الجلیلة موظف مع حزمة انترنت.. متى فكرنا بتخزین النفط حین تكون أسعاره
منخفضة بكمیات كبیرة حتى نضمن سعرا معقولا للمستھلك لأطول فترة ممكنة.. وأمھاتنا دون
تیسلا ومكافآت ورواتب كن عندما تنخفض أسعار البندورة یشترین نصف البكم حتى یوفرن اولا
ویضمن مخزونا استراتیجیا ثانیا!
كم تمنیت أن ننقل تركیبة من وزیر صحة ألماني الى وزیر صحة أردني.. وكیف حین یدخل
المریض ھناك في ثوان معدودة یكون ملفھ الطبي أمام الأطباء.. ونحن حتى نعرف فقط فصیلة دمھ
یكون أقرباؤه قد عزموا علیھ وجھزوا القبر لأن عینات الدم في المختبر أكثر من عدد البزر في
الشمام، بدل ان ینقل الوزیر القطاع الصحي الى قطاع الكتروني حدیث موفرا الأجھزة التي تفتقر
لھا معظم المستشفیات الحكومیة قام بنقل شقیقھ مدیرا لصحة العاصمة حتى ننعم بخبراتھ فلم یكتشفھ
من كل الوزراء السابقین إلا شقیقھ الوزیر في حكومة النھضة!
كم تمنیت ان ننقل تركیبة من حكومة الصومال الى حكومتنا، فھم رغم الفقر والعجز لم نسمع انھم
ھللوا لقرض أو شكروا دولا مانحة او طلبوا مساعدات.. فالدول ھیبة واحلام قبل ان تكون موازنة
وأرقاما!

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى