بقرة الحكومة / يوسف غيشان

بقرة الحكومة
تعرفون معظمكم قصة بقرة جحا ، وما كنت لأرويها لو لم تكن هذه البقرة وقصتها قد صارت نهجا ونبراسا للحكومات.. عابرا للعصور وللأزمان والأجيال والأماكن .. وتتناسل العبرة من هذه القصة تناسلا شيطانيا يسرقنا ويأكلنا أحياء في البحر الميت ، على رأي زميلنا الراحل مؤنس الرزاز .
القصة وما فيها ، أنّ بقرة جحا قد جاعت فحاولت الهروب بالقفز عن السياج ، فوقعت ، وانكسرت رجلها ، وبما أنّ جروح الحيوانات نادرا ما تلتئم ، فقد ذبح جحا بقرته و وزّع لحمها وشحمها على أهالي الحارة .. فتقبّل الناس هذه الهدية بفرح وشكروا جحا على كرمه وطيبة نفسه .
في صباح اليوم التالي ، قرع جحا بيوت جيرانه بيتا بيتا، مطالبا إيّاهم بالتبرّع له من أجل شراء بقرة جديدة ، فتبرّعوا له على خجل واسحياء .
لكن جحا في اليوم التالي طالب الجيران بالتبرّع له بثمن سياج عالٍ لا تفكر البقرة بالقفز عنه .
في اليوم الثالث طالب جحا جيرانه بالتبرّع له بثمن علف البقرة حتى لا تجوع وتفكّر بالهرب بطريقة ما .
وفي اليوم الرابع طالبهم بالتبرع له حتى يشتري ثوراً يؤنس وحدة بقرته الحبيبة … وهكذا…!!
تناسلت هذه القصة حتى وصلت إلى الحكومة التي تذكّرنا كلّ يوم بأنّها قد أجّلت رفع أسعار المشتقات البترولية ، فطالبتنا وتطالبنا بقبول زيادات الأسعار في كلّ شيء ، وبفرض ضرائب متعددة وقويّة على السجائر وغيرها ، وسمحت لتجّارها وسماسرتها برفع الأسعار.
وتحت حجّة ، لا نعرف مدى صحتها، بأنّها تبيعنا الغاز بأسعار
أقل من سعر التكلفة ، رفعت أسعار المشتقات البترولية الأخرى إلى أضعاف سعر التكلفة ، مثل البنزين وخلافه .
الفرق بين القصتين أنّ سكان حارة جحا قد تدسّموا من هبر وشحم بقرته ، لكننا لم نتدسّم ولم نذق بقرة الحكومة … لأنّها قامت بتعليب لحمها وسوف ينزل للأسواق بداية العام القادم بأسعار خيالية .. وفي ذات الوقت ترفع أسعار كلّ شيء مرّة أخرى .
من كتابي(لماذا تركت الحمار وحيدا)الصادر عام2008

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى