مش كل شيء تمام سيدي” / د. بشار حوامدة

مش كل شيء تمام سيدي”

قبل شهر حصلت معي حادثة في تشابه أسماء في أحدى مخافر عمان، كان الكتاب الورقي الذي يفترض ان يصل عبر الفاكس وسماعة الهاتف المرفوعة في جهة حكومية سببا في تأخري قرابة ست ساعات ..هكذا ببساطة تختصر تسهيل الخدمات في حياة المواطن !

هذه الأوجاع المكتوبة على بلد أمامه فرصة عظيمة ان يقود المنطقة لمستقبل الحكومات الإلكترونية، الشعب بالنهاية يريد طحينا، لا يريد حديثا عن خطوات التحول الرقمي للقطاعات الحكومية والوزارات …الجهود موجودة لكن معظمها يسير دون خط زمني واضح، فنحن نتخبط بين 2018 و2025 ولا نعرف متى نخلع عباءة الورق وتعاملاته التي عفى عنها الدهر في معظم دول العالم “الواعي”!

الوزارة تبذل جهداً مهماً ولكن التخطيط الإستراتيجي لهذا التحول ليس واضحا، لدينا معضلات حقيقية تعيق هذا التحول الرقمي الذي كلفنا به جلالة الملك الحكيم عبدالله الثاني بن الحسين والذي أتصور أنه من أهم ملفات الوطن في تداعياته، المعضلات تكمن في أن هناك تخبط في المرجعيات وهناك صراع خفي بين الأطياف التي تعمل على تنفيذ هذا التحول، الخدمات التي تم التركيز عليها في بداية التحول يجب أن تكون ذات إحتياج يومي وماس لحياة المواطن الأردني، لا يهمه المواطن بالدرجة الأولى عملية تسجيل الشركات مثلما يهمه تجديد رخصة القيادة وتجديد جواز السفر والهوية وغيرها من الخدمات ذات التكرار العالي في حياة المواطن أكثر من خدمة مواعيد إقلاع الطائرات وخدمة معرفة رسوم الجمارك على بضاعة ما .

وجود ترتيب أولويات مربوط بسقف زمني واقعي ويتم الإعلان عنه رسميا للشعب وليس فقط بين المسؤولين المعنيين في هذا البرنامج هو أولى خطوات إصلاح هذا التحول…

تفاوت رواتب العاملين في هذا القطاع الحيوي بين الحكومة والخاص يجعل من هجرة الكفاءات مدعومة بقرار حكومي طالما ان لم نعترف أن الرواتب الحكومية بينها هوة واسعة مقارنة مع القطاع الخاص، الأمر الذي سيجعل رأس المال البشري المتخصص بالمجال التقني سهل جدا أن يتخلى عن عمله ودوره لصالح فرصة مالية أكثر رخاءً ونعود هنا إلى مرابعنا الأولى …
على سبيل المثال راتب مدير مشروع الحكومة الإلكترونية أقل من راتب مدير مشاريع متواضع الكفاءة في قطاع خاص بكثير …

تغنينا طويلا بأمجادنا التليدة في قطاع التعليم والإعلام والتقنية واننا نحن من قدمنا طويلا للعالم العربي خيرة كفاءاتنا …حان الوقت أن ننسى تماما هذه الامجاد التي تحجبنا عن رؤية التحديات التي تواجهنا وكفانا العزة بالمجد التليد يا قوم !

الخدمات التي تم إطلاقها كثير منها للأسف لا يعمل، وكثير من الروابط المرفقة تتعطل، وكثير من الخدمات الجاهزة لا تصل للمتلقي لأن نحتاج ترويج تسويقي يصل الى الحجة ” أم فلاح” التي تسكن في أطراف الرمثا قبل أن نصل إلى مختص تقني أو مسؤول حكومي، فالأصل أن نصل للمواطن متلقي الخدمة ونساعده على الثقة بهذه الخدمات الإلكترونية برسالة واضحة ومقنعة وضمن خطة دقيقة وليست مجرد حلول آنية وأن نتوقف عن الحديث مع بعضنا ولبعضنا وننسى المواطن المتلق الأخير للخدمة! ..

كما أن ايقاف العمل (الفزعوي) بين الدوائر والوزرات وتوحيد كل هذه الجهود ببوابة الكترونية موحدة ومتجانسة..هو معالجة حثيثة لا تنتظر أي تاخير

أن التشاركية بين القطاع العام والخاص جيدة ويعول عليها، والوزارة تمد يدها نحو التشبيك مع القطاع الخاص لكن كثير من المشاريع المدرجة تحت برنامج التشاركية لم ترى النور؛ بسبب ضعف التشريعات والقوانين في هذا الجانب…

كقطاع خاص يدرك الأعباء الاقتصادية على الوطن من خلال إئتلاف جمعية إنتاج نمد كل العون والطاقات لتسهيل هذا التحول لما لدينا من طاقات وخبرات وأيضا إمكانيات مادية ..

نُحمل أنفسنا جزءا من المسؤولية كمحترفين وأيضا كقياديين في قطاع تكنولوجيا المعلومات ونقول بكل مسؤولية لجلالة الملك ” مش كل شيء تمام سيدي ” …

*رئيس قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى