لا تدخن عشانهم / صهيب الحلايقة

لا تدخن عشانهم
تجاوزت اعمارهم الستين .. اخوين اثنين تتشابه بينهما غزارة الشيب فيما تبقى من شعر بالراس، و تتداخل خطوط الوجه الهرم فيما بينها داله على شقاء الحياة … قابلتهم داخل اروقة المستشفى فالاخ الصغير ذو الستين و العامين مريض يرافقه الاخ الاكبر باعوام ليست ببعيدة عنه ،، التقيتهم و كانهم اطفال يتسابقون في شرح مرضهم او مصيبتهم! … اسأل احدهما فيقاطعني الاخر لاكرر سؤالي بصيغة اخرى ليجيب احدهما و يقاطعه الاخر ايضا .. لم اضجر منهما بل كانت ضوضاؤهم جميلة!
الكبير بالعمر طبيب سابق نسي من الطب علمه وما تبقى سوى معاني الكلمات يحاول ان يخاطبني بالمصطلحات الغير مفهومة لمريضه كي لا يفزعه بطامته فالمريض مدخن شره من الطراز الاول تطورت لديه بحة في صوته مشبوهة المصدر! … مرت الايام وكلما تسير بالقرب منهما تجدهما يتجولان او يتحاوران بحوار تشارك معهم نصف المرضى النائمين لصوتهم المرتفع المعبق بالكلمات القروية القديمة…
العملية التي دخل المريض لاجلها تأجلت؛ حيث كانت مصيبته الاولى السبب في الكشف عن تضيق في شرايين القلب استلزمت وضع شبكات لمنع الانسداد … وبعد خروج المريض وتاجيل عمليته التي دخل لاجلها يأتيني الاخ الاكبر حاملا تقرير الصورة الطبقية لمريضه والتي استطاع بخبرته الطبية القديمة ان يقرأها و يفهمها لكن لم يرد ان يصدقها او ان يقنع نفسه بها .. جاءني يريد سماعها مني صريحة … هل عنده سرطان ؟!
الجواب صعب و النفي اصعب ! ، لم اعطه اجابة صريحة ترجمت التقرير لكنه فهم المغزى …”يعني رح يموت؟” رد علي بحشرجة في صوته الحزين ! .. الصمت سيد الموقف في الغرفة الصغيرة … بدأت عيناه تدمع كطفل بالستين!
ذهب وهو يتمتم بعبارات الحسرة و التحسر علي اخيه الصغير ويلعن فيها الدخان و التدخين.!
#د_صهيب_حلايقة
#لا_تدخن_عشانهم

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى