هل يعيد مجلس النواب النظر في قانون البلديات رقم (41) لسنة 2015؟ (1-2) / المحامي عبد الرؤوف التل

الأصل أن القانون، ليس غاية في ذاته، بل هو وسيلة للوصول إلى غاية، تحافظ على النظام الاجتماعي، وتحقق الاستقرار للأغراض التي من أجله تم إصدار القانون، للمحافظة على النظام الاجتماعي، ويساهم في التقدم والتطور، ودفع عملية المؤسسة التي من أجلها وجد القانون إلى الأمام، ويساهم في حل المشاكل التي تواجه المؤسسة، ويسعى إلى تحقيق الحاجات المختلفة للناس، بأقل قدر ممكن من التضحيات، هذا هو الأصيل في القانون منذ إن عرف الإنسان النظام وعرف القاعدة القانونية لضبط سلوك الإنسان وتنظيم المجتمع.
أن قانون رقم (41) لسنة 2015 يهوي بالبلديات إلى حفرة سوداء، لا أحد يعرف كيفية الخروج منها، لأن العيوب والملاحظات حول هذا القانون كثيرة ولا حد لها، ويجعل البلديات تفقد دورها باعتبارها مؤسسات أهلية ذات استقلال مالي وإداري، ويضعها تحت الوصايا ورحمة البيروقراطية في وزارة الشؤون البلدية والمجلس التنفيذي.
الحق يقال ان قانون البلديات رقم (29) لسنة 1955 أرقى ألف مرة من القانون رقم (41) لسنة 2015 الذي ستجرى انتخابات البلدية على أساسه في الثالث الأخير من هذا العام.
من حق الذين يقدسون العمل البلدي أن يتساءلوا، هل كان المشرع في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي أكثر وعياً وفهماً، وتواصلاً مع الناس وإيمانا بضرورة تقدم المدن الأردنية وتطورها باعتبارها مراكز حضارية وحاضنة للحياة السياسية والفكرية والتنموية، ولماذا كانت السلطة التنفيذية تحسب ألف حساب لمجلس النواب الذي برز من خلاله قامات وطنية شامخة يشار لها بالبنان وما زالت جماهير شعبنا تترحم عليهم حتى الآن.
أقولها بصراحة هل يجرؤ مجلس النواب الحالي إعادة النظر في قانون متخلف أقره مجلس نواب سابق، وظهر فيه عيوب كثيرة، وفيه من الثقوب أكثر من ثقوب الغربال.
وقد طالب مجموعة من رؤساء البلديات في الجنوب الذين تم حلهم في الآونة الأخيرة بإعادة النظر في القانون، وكذلك طالب مجموعة كبيرة من رؤساء بلديات الشمال إعادة النظر في القانون وعدم إجراء انتخابات على أساسه لما فيه من عيوب كثيرة تحبط بالعمل البلدي.
ولا بد من ذكر الأسباب الموجبة إلى إعادة النظر بهذا القانون، وتصحيح الخلل الكامن في مواده ونصوصه من أجل المدن الأردنية باعتبارها مراكز حضارية، لا تجمعات بشرية.
من يقرأ قانون البلديات الجديد، يأخذه العجب من حجم التدخلات بين المجلس البلدي – والمجلس المحلي- والمدير التنفيذي والمجلس التنفيذي، هذه التدخلات خطيرة لأنها ستؤدي إلى شل عمل المجلس البلدي ورئيسه، وتوجد منازعات بين هذه المجالس وما لها من صلاحيات في المادة الخامسة من قانون البلديات رقم (41) لسنة 2015 تغطي صلاحيات المجلس البلدي ضمن حدود منطقة البلدية، هذا النص يفيد أن جميع المجالس المحلية هي ضمن دائرة اختصاصه وهو الذي يضع الخطط الإستراتيجية والتنموية وبيان احتياجات منطقة البلدية ورفعها للمجلس التنفيذي، الذي هو جزء من السلطة التنفيذية أي دائرة حكومية والبلدية مؤسسة أهليها ذات استقلال مالي وإداري وليس من خصائص المؤسسات الأهلية أن تتدخل السلطة التنفيذية في صلاحياتها.
وقد نصت المادة الخامسة في فقرات عديدة أن مؤسسات عديدة تقدم خدمات مختلفة على البلدية التنسيق معها والأصل أن كل المؤسسات يجب أن تنسق مع البلدية ولا تقوم بأي نشاط خدماتي إلا بعد العودة للبلدية وتقديم كفالة مالية توازي ما يلحق المدينة من أضرار بسبب ما تقوم فيه المؤسسات من أعمال داخل حدود البلدية.
وقد نصت الفقرة (23) من المادة الخامسة أن من صلاحيات المجلس البلدي ترخيص اللوحات والإعلانات وتحديد بدلاتها، هذا نص واضح وصريح لا لبس فيه ولا غموض، ومعروف قانونا أنه لا اجتهاد في مورد النص.
لكن مجلس الوزراء الموقر، الذي لا يقرأ القوانين ولكن يُصدر الأنظمة المخالفة للقوانين، ويفرض تطبيقها فرضاً فالذي أصدر النظام رقم 76 لسنة 2016 باسم نظام ترخيص الإعلانات ضمن مناطق البلدية وذكر النظام أنه صدر وفق الفقرة (أ) المادة الخامسة هذه المادة التي ليس لها صلة بإصدار الأنظمة على الإطلاق إلا عند عقل مشوش لا يحترم القانون، والأفظع من ذلك النظام صدر اعتمادا على المادة (75) من قانون البلديات التي تتعلق بإصدار الأنظمة لتمكين مجالس البلدية والمجالس المحلية من ممارسة صلاحياتها، والفقرة (ج) تنص على إصدار الأنظمة المتعلقة بالشؤون المالية وشؤون اللوازم والأشغال المتعلقة بالبلدية وليس فيها ما يشير إلى فرض بدلات لترخيص اللوحات والإعلانات وتحديد بدلاتها، وهذا النظام تعد سافر على صلاحيات المجلس البلدي.
ولو كان في مجلس الوزراء وزير رشيد يقرأ القانون لطالب بإصدار نظام يتفق مع القانون بدلا من هذا النظام الذي أثر على الحركة التجارية سلبا بتراجع الأسواق وتوترها.
من يقرأ المادة السادسة من القانون بكل فقراتها يأخذه العجب من تداخل صلاحيات المجلس المحلي مع صلاحيات المجلس البلدي هذا الأمر فيه ازدواجية كبيرة، في تداخل الصلاحيات ويعني وجود أكثر من رأس إداري في البلدية في الأصل المجلس البلدي صاحب الصلاحيات العامة والمجلس المحلي صاحب صلاحيات عامة داخل حدود المجلس المحلي من حقنا أن نسأل متى كانت الإدارة تدار برؤوس متعددة إلا في قانون البلديات رقم (41) لسنة 2015 هذا القانون العجيب الغريب، سيجعل الصراع قويا بين المجلس البلدي ورئيسه والمجلس المحلي ورئيسه لا سيما إذا كان من رؤوس الحامية وسيؤدي بالنتيجة إلى شل فعالية البلدية.
ولو أخذنا موضوع مراقبة الوضع الصحي والأعمال المقلقة للراحة العامة لوجدنا صلاحيات هذا الوضع متداخلة مع أربع جهات لها نفس الصلاحيات داخل المدينة هذه الجهات هي المجلس البلدي، المجلس المحلي، المجلس التنفيذي، هيئة الدواء والغذاء، هذه الجهات الرقابية ستطبق بلا رحمة على الحياة التجارية وتتصارع مع بعضها البعض. وسيحتار صاحب المصلحة لمن يلجأ .
ونصت المادة التاسعة من القانون على تعيين مدير تنفيذي للبلدية بصلاحيات تتعارض مع رئيس البلدية ورئيس المجلس المحلي فهو رئيس الجهاز الإداري الذي يلتف حوله الموظفون ويتقربون له على حساب رئيس المجلس البلدي، ومعروف في مؤسسات العالم أن الموظفين يتقربون من الرئيس الفعلي وهو المدير التنفيذي.
نصت المادة (4) في الفقرة (4) على تعيين ثلاثة من المديرين التنفيذيين للبلديات كحد أعلى يسميهم الوزير في المجلس التنفيذي، يفهم من هذا أن المجلس البلدي المنتخب شعبيا أن الوزير ولي أمره ووصي شرعي عليه لأنه قاصر، يعين الوزير المدير التنفيذي في المجلس التنفيذي والأصل ان صاحب القرار هو المجلس البلدي يختار الرئيس أو أحد الأعضاء للمجلس التنفيذي، هذا نص معيب يجب تعديله .
هذه ملاحظات قليلة تحتم على مجلس النواب إعادة النظر بقانون البلديات رقم (41) لسنة 2015 ويوجد بالقانون نصوص عديدة تشل فاعلية البلديات وتؤدي إلى ذبحها وإخراجها من كونها مؤسسة أهلية ذات استقلال مالي وإداري إلى اعتبارها دائرة تحكمها بيروقراطية متخلفة في وزارة الشؤون البلدية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى