الجرائم الالكترونية…مقالتي الاخيرة !

#الجرائم_الالكترونية…مقالتي الاخيرة !

#بسام_الياسين

شفرة الحرف،اكثر مضاءً من نصل السيف.ودوي الابجدية اشد فتكاً من القنابل العنقودية.لذا فان سلطة الكاتب الملتزم،اعمق اثراً واوسع تأثيراً من اية سلطة اخرى،مهما علا شأنها واتسعت صلاحياتها.خوفاً منها ،تسعى الانظمة جاهدة لوأدها في مهدها.بومضة تُشعل ثورة،تكشف فساداً،تفضح خراباً.هي منذ بدء البدء كانت وستبقى على العرش،الى ان يرث الله الارض وما عليها. الكون باكمله كان بكلمة ـ كن ـ .سيدنا المسيح عليه السلام كلمة الله .كذلك الوحي الامين ،نزل بكلمة اقرأ على سيدنا محمد،فاضاءت الدنيا،وابهرت العرب فرسان اللغة وافذاذ البلاغة،فكانت معجزتهم الاعجازية الابدية.

مفتتح القرآن الكريم ومفتاحه ـ كلمة اقرأ ـ.اختارها الله ،لتكون مفتاحاً للعلم والفهم وطريقاً للعقل والمعرفة.الاستشفاف،ان للكلمة سلطانها الروحي الواسع، واثرها النفسي العميق على الفرد والجماعة .قوتها التدميرية ساحقة ماحقة.هذا يعني، ان الحَجْرَ على الكلمة قتل للامة،واطلاق رصاصة عن سابق قصد وترصد  على جمجمة الحرية.نتاجه تقويض للحضارة، تراجع الفنون،الآداب،الرياضة، وعقم في السياسة. المصيبة ان قانون الجرائم الالكترونية،نصب مشنقة للكلمة بتوقيع مجلس الامة.

هنري لويس،مالك مجلة التايم لايف وفورشن الامريكيتين.كان الاربعينات من الالفية الماضية، يتحكم في الاخبار الواردة من الصين،ابان الثورة الصينية،الدائرة آنذاك بين الثائر ماوتسي تونغ، والعميل تشان كاي تشك. هنري لويس كان يفلتر الاخبار، ويعيد صياغتها ضد الثورة الشعبية،وقد افلح في خداع الرأي العام الامريكي، على مدار ثلاثين عاماً.تصوروا شخصاً خدع امة، فما بالكم بجوقة.

حركة التاريخ مرتبطة بحركة الشجعان،وقودها البسالة وعتادها الكلمة لذا لا بد من كسر قيد التردد،للخروج من مجتمع سكوني اخرس/ الى فضاء حراكي فاعل. كفى ضحكاً علينا واستهتارا بنا.لا اصلاح ولا ديمقراطية بلا كلمة،تاج العلاقات الانسانية.لاجل هذا، نقول لمجلس النواب :ـ ان الشعب اجمع جميعه،ان قانون الجرائم الالكترونية،يقيد الحرية،يعطل الحياة السياسية،يُنَفّر الشباب من الحزبية،يعوق الاستثمارلخلق بيئة طاردة وغير مستقرة.على المقلب يسأل  الناس :ـ لماذا لم يهب مجلس النواب هذه الهبة، لملاحقة المحترفين من اهل الفساد،اصلاح الادارة المترهلة،تجريف الواسطة والمحسوبية، والقضاء على الرشوة المستفحلة،بدل ان يلجم فاه مجتمع باكمله.

 فيلسوف اليونان العظيم سقراط، كان يقول للصامت في مجلسه :ـ تكلم حتى اراك.بدورنا نقول لمن قال :ـ ” امشِ الحيط الحيط وقول يا رب الستر”.انت انسان جبان بلا موقف،تتشكل حياتك الرخوة  كما الماء،في الاناء الذي تسكنه.لما سلف اعلن التوقف عن الكتابة ،رغم شعاري المسبق بيني وبين نفسي :ـ ارفع صوتك، طالما قلبك قنديلاً،زيته حبك لوطنك،وانك تمتلك  حنجرة قوية وصرخة مدوية،لكن سكين قانون الجرائم الالكترونية، قطع خيط الوهم والتف على رقبتك كالافعى.فهل الكلمة مخيفة ،حتى يشيّدون حولها كله هذه الجدران.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى