غضبة النواب على الحكومة / ماهر ابو طير

غضبة النواب على الحكومة

الذي يرصد ردود فعل كثير من النواب، بحق الحكومة، يكتشف ان بعضهم شرب حليب السباع فجأة، عبر تصريحاته وتعليقاته المختلفة، بحق الحكومة، او بعض الوزراء.
بالنسبة لي شخصيا، ولكثيرين في الاردن، لا احد يصدق هذا التصعيد، فالحكومة على مافيها من قوة وضعف، خير وشر، تتم مواجهتها بطريقة غريبة، من جانب نواب، اعتادوا دوما على تأييد الحكومات، بل قام بعضهم بتأييد حكومات اكثر سوءاً من هذه الحكومة.
المآخذ التي يأخذها بعض النواب ضد الحكومة الحالية، يمكن الرد عليها، ومطابقتها بمواقف سابقة لنواب كثيرين بحق حكومات سابقة، ووقتها لم يشرب هؤلاء حليب السباع، ولم يمارسوا معارضة دائمة او مؤقتة، برغم وجود علل كبيرة آنذاك.
المشكلة التي لا يعرفها النواب، ان ترميم الثقة، واستعادة السمعة، عمليات لا تجري فجأة، بحيث ينام النائب مؤيدا لحكومة سيئة، ويصحو معارضا لحكومة جديدة، من ذات الطراز، على الاقل، ان لم تكن احسن قليلا، اذ إن عملية ترميم الثقة بحاجة الى سنوات طويلة، والى استبصار سياسي، يساعد النائب، على التفرقة جيدا، بين الدعاية وبين الممارسة السياسية لشخصه.
ربما هناك عوامل ليس هنا محل ذكرها، تجعل نوابا كثرا، يستدعون الشجاعة بأثر رجعي، وبعضهم يظن لسبب او اخر، ان لاحماية سياسية للحكومة، وان بالامكان الهجوم عليها مجانا، دون ان يكلفهم ذلك اي كلفة على صعيدهم الشخصي او السياسي.
على حد تعبير نائب صديق فقد قال اننا حيرنا النواب، اذ لو عارضوا لما صدقهم احد، واذا ايدوا ..لتمت مهاجمتهم، فما الذي يريده تحديدا هذا الشعب؟!.
الاجابة بسيطة جدا، نحن لم تعد تنطلي علينا الحركات الدعائية، ولا الاستعراضات، وكل مايريده الناس، معيارا اخلاقيا-سياسا ثابتا، في تقييم الحكومات، والشخوص، والبرامج، بحيث يتم توظيف هذا المعيار الاخلاقي-السياسي، في كل المراحل، فلا يغيب في مرحلة، ويظهر في مرحلة اخرى، اضافة الى ضرورة غياب الدافع الشخصي، في تصرفات النائب، ازاء المؤسسات، فيغضب وقتما يريد، ويهدأ وقتما يريد، وفقا لموقفه او علاقاته، او تقييماته لمدى قوة الحكومة، او حمايتها.
لو عدنا الى تصريحات النواب وتعليقاتهم، واحدا واحدا، ضد الحكومة، او ضد وزراء، واستعدنا مواقف سابقة لهم بحق حكومات سابقة، او وزراء سابقين، لوجدنا انهم سابقا كان يمررون الجمل من « ثقب الابرة، وقتما يريدون، وحين يريدون الاعتراض، يحتجون حتى على المطر في شباط، وهذه ازدواجية، لاتليق بالعمل السياسي والبرلماني.
ماهو اهم، ان لا احد يريد اسكات المعارضة من النواب او غيرهم، فلكل طرف حقه الكامل، ولا احد يسكت احدا، لكن السؤال حول مدى تأثير هذه الحملات وصدقيتها في الرأي العام، الذي لا يقف عند كثير منها، ليس دفاعا عن الحكومة ومن فيها، بل لان مصدرها له ارث لا ينسى في مراحل سابقة!.
بهذا المعنى فإن الحكومة -ولست وكيلا للدفاع عنها- معرضة للنقد، بشكل طبيعي، لكن نقدها مقبول من اي طرف، له قواعد في النقد، قواعد ثابتة، وله ارث سياسي، يستند إليه، اما المعارضة الطارئة، التي فيها الماحات شخصية، او انفعالية، او مواقف على خلفيات غير مقبولة، فهي معارضة ترتد على صاحبها بخسائر اضافية، كونها مستجدة، وبرزت فجأة من غامض الغيب.
اما اولئك النواب، الذين يستندون الى اسس ثابتة وواضحة، في التأييد او الاعتراض، فلهم كل الاحترام، بسبب وضوحهم، ايا كان خطهم، فهذا امر يعود لهم نهاية المطاف.
maherabutair@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى