مبغوضة وجابت بنت

#مبغوضة_وجابت_بنت

د.حسام العودات
جاءتني قريبتي تسألني يوما عن تأمين الحوامل الصحي لزوجة إبنها , فهو بلا عمل سوى التكاثر .
أخبرتها بكل التفاصيل , لكنّ البيوت تشتكي قلّة الجرذان , تماما كما قالت عجوز لخليفة المسلمين , فلا قمح ولا دقيق .
ولولا كرم أنسبائهم , ما كان لولدها زوجة وهو بلا عمل ولا أمل . وها هي ورقة الخمسين قد أعجزت تلك العائلة , وحرمتهم بطاقة التأمين .
عرضت المساعدة الا أنها رفضت , فما زال في عروق الفقراء ترياق التعفف , وغادرت على عجل بعدما أخبرتها أنّ تكاليف المتابعة والولادة في المشافي الحكومية زهيدة , وهي لمن لا يعلم كذلك .
وما هي الا ستة أشهر حتى جاء اليوم الموعود , فقد حان موعد ميلاد الحفيد , فذهبوا للمستشفى بما تيسّر من
( باصات الكيا ) للنقل المخالف للقانون , دخلوا قسم التوليد وفي جيوبهم نقود , بالكاد تكفي لتأشيرة العبور .
جاء طبيب النسائية ( حكيم عورات مستورات ) كما يقال عنه في بلاد الأفغان , وحمل للحماة ما لا يسرّ من أخبار , فقد كان وضع الجنين معكوسا . ولا بدّ من عملية قيصرية , وعليهم أن يتبرعوا بما بقي في عروقهم من دماء , تحمل في حمرتها وشم العدس .
توسلت الحماة للطبيب أن يحاول دون عملية , فهم لا يملكون ما يكفي من النقود .
لكنّ الأخصائي أصرّ على رأيه قائلا : لازم يا خاله العمليه , الجنين قاعد قعود .
بكت الحماة قائلة : يا حسرتي شو هالعيشه !!!!!!!!! , الأب قاعد والجنين قاعد .
جاءت الحفيدة أخيرا بعد يوم عسير على الجيوب , وعسير على الأم , التي ما زالت تذكر المثل الذي يقول : مبغوضة , وجابت بنت .
وما هي الا أسابيع حتى جاء الخير بوجه تلك الفتاة , فقد وجد والدها عملا يزيل الغشاوة عن العيون التي كانت تغضّ البصر كلما مرّت بدكان , وما هي الا سنة حتى جاء للفتاة شقيق , يتكفل ( بالعيديّات ) في أعياد البسطاء .

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى