ماذا ننتظر من جو بايدن !!

ماذا ننتظر من جو بايدن !!
د. كمال الزغول

الحديث الآن يجري حول السياسة القادمة للرئيس الامريكي المنتخب جو بايدن في الشرق الأوسط وفي العالم ،وهذا الحديث يستند في سياقاته على سياسة الرئيس الاسبق اوباما كون الرئيس المنتخب الحالي كان مساعدا في ادارة الرئيس الاسبق أوباما ،لكن وبكل صراحة ،التحليل حول شخصية بايدن لا يخدم ما نشأ من معضلات في الوقت الحالي،فالظرف الحالي مختلف جدا، ولا يتناسب مع فترة اوباما وظروفها الرئاسية الهادئة التي انتجت فراغات سياسية في العالم.
إن النار التي تُطبخ عليها السياسة الحالية هي نار الاقتصاد الذي تهاوى مع جائحة كورونا ،والتي من الممكن أن تكون سببا في إعادة تشكيل علاقة الولايات المتحدة مع المنطقة والعالم.
تَشكُُل هذه العلاقة أولا في منطقتنا قد يبدأ برسم خارطة طريق للبدء بمحادثات سلام مابين الاحتلال والفلسطينيين كالتي رسمها جورج بوش الابن ،والضغط على الطرفين للدخول في المفاوضات ،وبذلك يغطي ذلك الفراغ الذي أحدثته سياسة دونالد ترامب. ايضا علاقة،الولايات المتحدة مع تركيا قد لا تكون كما يتوقع البعض كتدبير عوائق وانقلابات، بل من الممكن ان تكون اعادة لقراءة المصالح المشتركة في سوريا والقوقاز والمتوسط،لأن الثقل الروسي في تلك المناطق أصبح أكثر مما سبق، وإعادة تماسك حلف الناتو هو ضرورة ملحة للرئيس الجديد.
أما بالنسبة لايران لا اعتقد بأن جو بايدن سيُعامل ايران بنفس طريقة اوباما هذه المرة ،المعطيات والتموضع الامريكي يعتمد على الظرف الحالي وليس على الظرف السياسي السابق،هناك عوامل تتحكم بسياسة بايدن منها جائحة كورونا والركود الاقتصادي والوضع في شرق المتوسط، وحرب القوقاز، ولبنان ،واعادة انتشار القوات في العراق وسوريا بالإضافة الى حجم التطور السياسي في تلك المناطق ،ويوجد نقطة مهمة جدا تتعلق بإيران وهي دقة المعلومات الإستخبارية عن المفاعل النووي الايراني، وما احدثه من تقدم في فترة الرئيس ترامب وما تم تشغيله من فيوزأت طرد مركزي خلال فترة ترامب الرئاسية، بالاضافة للمعلومات الدقيقة عن الصواريخ البالستية واعدادها، ويمكن ان تكون الشروط في الاتفاق النووي اقوى من قبل بناء على ذلك.
هنا اريد أن اقول انه عندما تتوفر معلومات استخبارية في الميدان لافرق بين بايدن وترامب ،فمقتل سليماني اكبر مثال على ذلك ، ترامب قصف وبايدن أيَّد الفكرة بناء على اولوية ميدانية بحتة…. وهنا السياسة الامريكية تحكمها “سياسة الميدان” وعليه فإن توقعاتي لسياسة بايدن ستكون “تهدئة في سبيل اقتصاد” تراقبها ردة فعل قوية لكل فعل مقابل، اعتمادا على عاملين ، القوة ، والتطورات الميدانية ،بمعنى أن بايدن سيخفف من الاشتباك العسكري من طرف الولايات المتحدة، وسيتشدد في حال استُهلّ الاشتباك من قبل الطرف الآخر.
وبالنسبة للدول العربية ، المصالح ستحكم تلك العلاقة مع التركيز اعلاميا على حقوق الانسان مع صعود لحقوق التجارة والتبادلات التجارية المشتركة ، مع بناء فهم سياسي مع الدول العربية لما يجري في اليمن والعراق وسوريا ولبنان ومن الممكن ان تُبنى السياسة هناك بناء على حجم التطور لكل منطقة.
الخلاصة ، السياسة الأمريكية تصوغها الحركة الميدانية الاستخباراتية والعسكرية والدبلوماسية على التوالي ،وعليه،فإن التموضع السياسي ينشأ في اللحظة المناسبة ،وليس مع الشخصية القادمة ، لكن الشخصية القادمة هي من تدير ذلك التموضع المرهون ميدانيا بالتطورات على الأرض.

الدكتور كمال الزغول
كاتب وباحث

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى