الدولة الظالمة هي الحل / ماهر ابو طير

الدولة الظالمة هي الحل

لیست مجرد فوضى، تلك التي نراھا في الجزائر أو السودان، وھي الدول المؤھلة لتكون الدفعة الثانیة من خریجي الربیع العربي، بل ھي نتیجة طبیعیة جدا، لعدم فھم دروس الربیع العربي، في موجتھ الأولى، التي یعتبرھا كثیرون، كارثة بما تعنیھ الكلمة.

كل دولة فیھا مظالم، أو تغول على الشعب، أو فساد، أو سرقة، أو غیاب للعدالة والمساواة، أو تراكم للمفاسد، باتت مؤھلة الیوم، للالتحاق بالكیانات الذبیحة في العالم العربي، والمشكلة الأكبر، أن النظام الرسمي العربي، یرتاح من زاویتھ لنتائج الربیع العربي في موجتھ الأولى، بمعنى أنھ یفترض أن الشعوب تعلمت الدرس، ودفعت كلفة التمرد على الأنظمة، ولن تعود وتكرر التجربة بعد الذي رأتھ في شعوب مختلفة في ھذه المنطقة.

ھذه مأساة أن یكون الانسان العربي، مخیراً، بین دولة ظالمة، أو دولة تغرق في الفوضى، وھو إذاً بین كلفتین، أي أن یحتمل دولتھ بكل ما فیھا من مفاسد، أو یتمرد طلبا لحقوقھ، فیدفع الثمن على ید جماعات كثیرة، وبسبب التدخل الإقلیمي والدولي.

مقالات ذات صلة

لكل دولة ظروفھا المختلفة، وقد یخرج من یتحدث عن أن نموذج الجزائر، یختلف عن سوریة، أو عن السودان، لكن المشترك بین ھذه التجارب كلھا، وغیرھا، ھو الاستبداد، وتفشي المظالم، وتطاول الأنظمة الرسمیة على الانسان العربي، وحرمانھ من حقوقھ، وتحویلھ إلى فقیر في بلده، یتم اضطھاده، ومنعھ من أن یعیش كریما.

لماذا تواصل أنظمة عربیة ذات سلوكھا، برغم أن موجة الربیع العربي الأولى، كانت مدمرة، واسقطت أنظمة، وشردت شعوبا عربیة، والاجابة على ھذا السؤال سھلة، إذ إن بعض الأنظمة تعتقد جازمة أن الانسان العربي، لم یعد مخیراً، فإما أن یقبل البنیة الظالمة التي تدیر شؤونھ، وإما أن ینتظر سیناریوھات أسوأ بكثیر، مما یعیش فعلیا؟!.

النظام الرسمي العربي، یحدثك كثیرا، عن الشعوب الجاھلة، التي لا یمكن حكمھا الا بالحدید والنار والتجویع، وان ھذه الشعوب، لا تدرك المعادلات الدولیة، وتختطفھا الشعارات، وھي شعوب لا یمكن ان یتم منحھا فرصة للتغییر، ویضرب النظام الرسمي الأمثلة بالانقسامات في سوریة ولیبیا والیمن، وكیف تحولت ھذه الشعوب إلى مجموعات متناحرة، بعد أن رفع قادتھا الثوریون شعارات براقة، استدرجوا فیھا ھذه الشعوب إلى نھایاتھا.

لكن المشكلة ھنا، تكمن في أن الشعوب في الأساس، إذا صدقت ھذه الاتھامات بحقھا، تدفع في الأساس، كلفة التجھیل والتضلیل الذي مارسھ النظام الرسمي العربي، وتدفع أیضا، كلفة التقسیمات الداخلیة التي تم تأسیسھا والاستثمار بھا، لغایات تثویرھا لاحقا، اذا سقطت بعض الأنظمة، بحیث یزرع كل نظام بذور الفناء للشعب، مسبقا، وبحیث تكون المھمة ما بعد أي نظام بائد، سقایة ھذه البذور، وھذا ما نراه فعلیا، في دول كثیرة، تفجرت فیھا الصراعات الدینیة والمذھبیة والقبلیة بین جماعات مختلفة، كلھا رفعت السلاح ضد بعضھا البعض.

المؤكد ھنا أمران، أولھما ان النظام الإقلیمي والدولي، لا یرید أي تغییرات في المنطقة، وھو یرتاح اكثر الى نموذج الدولة الظالمة، كونھا تؤمن مصالح عواصم العالم، اكثر بكثیر من نموذج الدولة الشفافة، التي یحق فیھا للقوى الفاعلة الاعتراض، مثلما أن ھذا النظام الإقلیمي والدولي، لا یھمھ في ھذه المنطقة، سوى ثرواتھا، وأن تبقى إسرائیل تحدیدا، بعیدة عن كل ھذه النیران التي تشتعل فجأة او یتم اشعالھا.

تحدثوا كثیرا عن الدولة العمیقة التي تحكم في دول عربیة، وھي ذاتھا الدولة الظالمة، والمثیر، أن ھذه الدولة الظالمة، لا تستسلم بعد سقوطھا، بل أن مھمتھا الأساس تبدأ بعد سقوطھا، أو على مشارف سقوطھا، أي استكمال دورھا عبر القوى السیاسیة والاقتصادیة وجماعات مصبوغة بالدین أو المذھب أو الطائفة أو جماعات النظام السابق، من أجل الانتقام والثأر من كل الذین یحاولون صناعة تغییر إیجابي، وبحیث لا یكون ھناك أي حل سوى العودة الى الدولة الظالمة، ولیس ادل على ذلك من نموذج لیبیا حین یصیر نجل القذافي، ھو الحل لما بعد رحیل القذافي،
ونجل علي عبدالله صالح، ھو الحل لما بعد رحیل والده!.

الانسان العربي، قد یتم ایصالھ بعد قلیل لیطالب علنا بدیمومة الدولة الظالمة باعتبارھا ھي الحل، وبحیث یكون المتھم ھنا، ھو الإنسان العربي الجاھل، غائب البصر والبصیرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى