نعمة الإيمان بالقضاء والقدر / ماجد دودين

نعمة الإيمان بالقضاء والقدر

لا تَأْمَنِ الْمَوْتَ فِي طَرْفٍ وَلا نَفَسٍ وإنْ تَسَتَّرْتَ بِالْحُجَّابِ وَالْحَــــــــــرَسِ

وَاعْلَمْ بِأَنَّ سِهَامَ الْمَوْتِ قَاصِدَةٌ لِكُلِّ مُدَّرَعٍ مِنْهَا وَمُتَّــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرِسِ

تَرْجُو النَّجَاةَ ولم تَسْلُكْ مَسَالِكَهَا إِنَّ السَّفِينَة لَا تجْرِي على اليبس

مقالات ذات صلة

أركان الإيـمـان ستة: أن تؤمن بالله وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، وباليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره من الله تعالى. ولا يتم إيمان أحد إلا إذا آمن بها جميعاً على الوجه الذي دلّ عليه كتاب الله وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلم. ومن جحد شيئاً منها فقد خرج عن دائرة الإيـمـان.

****************

القــــــــــــــــــدر قُوة غريبةٌ غامضةٌ…وسرّ عجيب… قوّةٌ تقف أمامها البشرية والقدرة الإنسانية مشلولة الإرادة ولا ندري كيف وأين ومتى ولماذا حدث ما حدث… يعترينا الذهول ونضع تفسيرات عشوائية ولا ندري ما الحكمة الخفيّة وراء مجهولٍ أوجده الله وأجراه قدراً لا يمكن التمرّد عليه…

وفي قصةٍ رمزية لكاتب فرنسي يتحدث عن يومٍ تلبّدت فيه السماء بالغيوم وهطل المطر غزيراً… واندفعت السيول… وكان بطل القصة “جان” ينظر إلى السماء ويقول: “إنّ هذا الوابل سيُلحق الضرر بمحاصيلنا لأنها لا تحتاج إلى هذا القدر الوافر من الماء… ليت العناية الإلهية أوكلت إليّ هذا الأمر لعرفت متى يجب أن تشرق الشمس ومتى يجب أن ينزل المطر “وما أنْ أتمّ الرجل كلامه حتى فوجئ بشبحٍ غريبٍ يقف أمامه ثم قدّم لــــــــــــــــــه علبة عجيبة وقال له: “إذا فتحت هذه العلبة أصبح المطر رهن أمرك والشمس طوْع يديك… ولكنّ العلبة لا تعمل إلا بإجماع أهل القرية على رأي موحّد”.. ورحل هذا الوافد الغريب والشبح العجيب وقام “جان” يطوف على أهل القرية ويزف إليهم النبأ السار… وجمعهم وسألهم أن يتفقوا على رأي موحد… هل يفضّلون المطر أم الشمس؟

ووجم القوم… واتفقوا على أنْ لا يتفقوا… إنّ زراعتهم ومحاصيلهم متعددة الأنواع ومنها ما يحتاج إلى الماء ومنها ما يحتاج إلى الشمس… فالمصالح متضاربة… والأهواء والرغبات متعددة… وعاد أهل القرية إلى الاجتماع مرّات ومرّات ولكن دون جدوى…

غضب “جان” غضباً شديداً وألقى العلبة بعيداً… وما كادت تُلامس الأرض حتى انفتحت وخرج منها شاشة مكتوبٌ عليها: “إنّ المقادير فوق مستوى عقولنا المحدودة، وعلينا أنْ نترك أمرها للعناية الإلهية فهي أدرى منّا بالأوقات المناسبة لنزول المطر أو ظهور الشمس في كبد السماء…

تحترق السفينة وهي تمخرُ عُباب الماء… تحترق والماء يلامس كلّ أطرافها ولا يملك بحّارتها أنْ يُخمدوا حريقها…أو أن ينقذوها من الغرق…

إنّ الرضا بالقدر هو الذي يجعل المؤمن يذوق حلاوة الإيمان ويرضى بإرادة الله فلا يسخط بل كلّ أمره له خير فإن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر فما شاء الله سبحانه كان وما لم يشأ لم يكن… واختيار الله الحكيم لنا، أفضل وأحكم من اختيارنا لأنفسنا…

(وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (123) سورة هود

(إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (34) سورة لقمان

ومع إيماننا المطلق بهذا الركن العظيم من أركان الإيمان إلّا أننا يجب علينا أن نأخذ بالأسباب (اعقلها وتوكّل) وأن نتوكل على الله ولا نتواكل … وأن نأخذ بأسباب وتدابير وإجراءات السلامة…

“ذُكر عَن أبي الْعَتَاهِيَة رَحمَه الله أَنه دخل يَوْمًا على هارون الرشيد فَقَالَ لَهُ الرشيد عظني وأوجز فقال الشاعر:

لا تَأْمَنِ الْمَوْتَ فِي طَرْفٍ وَلا نَفَسٍ وإنْ تَسَتَّرْتَ بِالْحُجَّابِ وَالْحَـــــــــــرَسِ

وَاعْلَمْ بِأَنَّ سِهَامَ الْمَوْتِ قَاصِدَةٌ لِكُلِّ مُدَّرَعٍ مِنْهَا وَمُتَّــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرِسِ

تَرْجُو النَّجَاةَ ولم تَسْلُكْ مَسَالِكَهَا إِنَّ السَّفِينَة لَا تجْـــــــــرِي على اليبس

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى