بعثرات قلم / ساجدة الكايد

بعثرات قلم
سألتهُ حينها عما يقلقه فلم يُجب .. ألححتُ عليه فامتنع .. ألنتُ له الكلام فما زادهُ غير صمت لم ينكسر.. استسلمت.. قلت له : حسناً.. إن لم تُرِد أن تتكلم.. أرسم ! أرسم لي ما يقلقك .. علّي أستطيع مساعدتك .. أرجوك..
– وافق ؟
– نعم
– ماذا رسم ؟
– رسم خطان متوازيان .. ربطهما بمثلث من الأعلى .. ظننتُ حينها أنه يقصدُ المنزل ..منزلنا الذي تحول إلى ساحة حرب لا تهدأ .. فغلى الدم في عروقي و قمت لزوجي أكمل مسلسل الخلافات التي لا تنتهي .. علا صوتنا و أنا أعاتبه و أتهمه بأن يخرب هذا المنزل على رؤوسنا جميعاً .. أفعاله الصبيانية و ردات فعله الباردة دائماً تتسبب بخلافات أمام الأولاد تبدأ ولا تنتهي .. عند كل خلاف يهربون جميعاً إلى غرفهم ولا يخرجون منها أبداً
– و بعد ..
– انتهى الصراخ .. و الجدل .. و صمت البيت حزناً.. و هرب كل إلى فراشه ليستريح .. شعرت بنسمة باردة ليلاً فتذكرت الأولاد .. قمتُ لأغطيهم جيداً.. و…
– لم تجدي ولدك ..
– نعم .. طار عقلي .. بحثتُ كالمجانين .. لا أثر له .. لم يتبقى مكانٌ إلا و سألنا فيه .. لا أثر ..
– و بعد ..
– بعد أيام .. ذهبت لغرفته باكية .. تذكرتُ الرسم بحثتُ عنه في كل مكان.. و وجدته.. و بعدها وجدت ولدي ..
– كيف ؟!
– لم يكن منزلاً .. بل جناح طائرة أكمل رسمها بعد خروجي .. و بقربها رسم نينا
– من نينا هذه ؟
– شغالتي التي سافرت قبل الحادثة بأسابيع
– هل كان لها علاقة باختطافه ؟!
– نعم .. لكنها اختطفت مني قلبه لا جسده فذبل حزناً على فراقها .. أراد أن يلحقها .. و لم يستطع ..
– لماذا لم يبلِّغ المطار عنه للشرطة إذا كان هناك طيلة الوقت..!
– لم يكن في المطار .. بل في المقبرة
– المقبرة !!
– نعم.. ظل يسألني بعد سفرها “وين أبوي سفر نينا.. ليش يبي ياخذها المطار ..” .. و أنا أجيبه “خلاص عاد سافرت للموت .. انقبرت .. الله أخذها.. لا عاد تسأل “.. كان هناك ينتظر أن يأخذه الله أيضاً فيذهب إليها ..

إن لم تستطيعوا أن تكونوا مفاتيح خيرٍ لأولادكم .. أرجوكم .. لا تكونوا مفاتيح شر

#قلم_بعثرات
#ساجدة_الكايد

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى