لغز قافلة الصحراء … هل كان فيها قيادات من “داعش” ؟

سواليف

لا تزال قافلة مسلحي تنظيم “داعش” وعائلاتهم التي خرجت من الحدود اللبنانية السورية بعد اتفاق مع “حزب الله” قبل أيام، محور نقاشات وجدل في الداخل العراقي، كما في لبنان وسورية، ليبدو أن لغز قافلة الصحراء لن تتكشف حقيقته قريباً، مع استمرار الموقف الأميركي الرافض لوصول القافلة إلى مقصدها في دير الزور، تواصل دفاع حزب الله عن ركاب الحافلات الـ17. ولا يزال التخوّف كبيراً في العراق من تشكيل هؤلاء خطراً على الأمن العراقي عند لجوئهم إلى المنطقة الحدودية السورية مع العراق. وتكشفت معلومات إضافية من بغداد عن السبب الذي دفع التنظيم للتفاوض، ومنها أن القافلة تضم قيادات مهمة في “داعش”، وفق ما تبلّغت الحكومة العراقية من واشنطن. في غضون ذلك، كانت مليشيات تابعة للتيار الصدري تتلقى تعليمات بالتوجّه إلى الحدود مع سورية من اتجاه محافظة الأنبار مع البوكمال السورية، لفرض مزيد من السيطرة على تلك المنطقة الحدودية.
وأعلن التحالف الدولي أمس أن القافلة انقسمت إلى مجموعتين ولا تزال مجموعة من الحافلات في الصحراء، مشيراً إلى أنه سيواصل منعها من التحرك شرقاً نحو أراضي التنظيم، وأنه تم تقديم غذاء ومياه للقافلة، وذلك بعد أن تضاربت المعطيات يوم السبت حول نجاح القافلة في الدخول إلى محافظة دير الزور من عدمه، بعدما كان التحالف الدولي قد عرقل مسيرتها. ونفى “حزب الله” السبت دخول القافلة إلى دير الزور، معلناً أنها لا تزال في منطقة خاضعة لسيطرة النظام السوري، بينما قال ناشطون سوريون إن القافلة نجحت في الدخول إلى المحافظة.
وأعلن التحالف الدولي أن مجموعة من الحافلات بقيت في الصحراء في حين عادت مجموعة أخرى إلى مناطق تسيطر عليها الحكومة السورية، وذلك بعدما منع التحالف القافلة من دخول الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور عن طريق قطع الطرق وتدمير جسور أمامها. وقال التحالف في بيان: “لا زالت مجموعة في الصحراء إلى الشمال الغربي من البوكمال والمجموعة الأخرى اتجهت غربا صوب تدمر”. وحذر حزب الله يوم السبت الولايات المتحدة من أن الحافلات الموجودة في الصحراء تضم أشخاصا مسنين ونساء حوامل ومصابين، واتهمها بمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى القافلة. لكن التحالف ردّ بأنه اتصل بروسيا لتوجيه رسالة إلى الحكومة السورية مفادها أنه لن يسمح بمرور القافلة وبأنه عرض مقترحات لكيفية إنقاذ المدنيين فيها من المعاناة.

في المقابل، قال مسؤول حكومي عراقي لـ”العربي الجديد”، إن القافلة ما زالت بعيدة عن البوكمال السورية على الحدود العراقية، لافتاً إلى أن “سائقي الحافلات يُفترض أنهم من موظفي الهلال الأحمر، لكن نعتقد أنهم من الاستخبارات السورية”، موضحاً أن “سبب رفض داعش وساطة الصليب الأحمر في النقل وإصراره على أن يكون الهلال الأحمر، هو إجراء استباقي لمنع استهداف الحافلات من قبل النظام السوري” الذي وافق على اتفاق حزب الله ــ داعش، بحسب ما اعترف به الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله قبل أيام.

وكشف المسؤول العراقي، والذي طلب عدم كشف اسمه، أن واشنطن أبلغت حكومة بغداد بأنها وضعت خيارات عدة لمنع وصول قافلة مسلحي “داعش” إلى منطقة البوكمال، مؤكداً أن القافلة، وفقاً لمعلومات استخبارية، تضم قيادات مهمة في التنظيم الإرهابي لها ثقل معنوي أكثر من كونه عسكرياً. وأوضح المسؤول “أننا علمنا من الأميركيين أن قافلة مسلحي داعش تضم قيادات أو عناصر مهمة في التنظيم، منهم أبو هشام الطرابلسي، وهو المدعو ضياء الدين المحمود، لبناني الجنسية ومن قيادات التنظيم المهمة وشغل منصب مفتٍ بالتنظيم في ريف دمشق قبل عامين. كما تضم أشخاصاً آخرين مثل نافع العدني وسليمان الراوي (عراقي) وأحمد شيخ ناصر (سوري)، إضافة إلى آخرين مطلوبين بشكل أساس لدى الأمن اللبناني ومسجلين ضمن قوائم المطلوبين لديه”. واعتبر أن “وجود تلك الشخصيات قد يفسر سبب قبول تنظيم داعش ما كان يعتبره خروجاً عن الملة وكفراً للفصائل السورية التي خرجت باتفاق حلب العام الماضي وكان يعيّرها بعبارة أصحاب الباصات الخضراء”.

وقال المسؤول العراقي إن “الحكومة اللبنانية آخر من يعلم عن الاتفاق وتفاصيله، على الرغم من أنه جرى على أراضيها، لذلك لم تتوجه بغداد لها بأي طلب توضيح، إنما اكتفت بمهاجمة اتفاقية حزب الله”، مشيراً إلى أن كل التصريحات التي صدرت من أعضاء في البرلمان حول وصول مسلحي التنظيم في القافلة إلى العراق غير صحيح، كاشفاً أن واشنطن أبلغت الحكومة العراقية بأنها وضعت خيارات للتعامل مع الموضوع بشكل جيد، من دون الإفصاح عن تلك الخيارات. لكن هذه المعطيات لا تزال عاجزة عن كشف كل ملابسات الاتفاق الذي ظهر أن فيه بنوداً غير معلنة، جرت بعض فصولها قبل يومين، عندما تم تبادل جثث جنود إيرانيين بجرحى من “داعش”، بينما تفيد روايات أخرى بأن ما دفع حزب الله إلى الاتفاق مع “داعش” هو رغبة الحزب باسترداد أحد كوادره المهمين جداً من قبضة التنظيم في سورية. أما التبرير الرسمي الذي قدمه حزب الله، فلا يزال يتمحور حول تقديم التنظيم معلومات عن مكان دفن الجنود اللبنانيين الثمانية في منطقة القلمون الغربي، رغم أن حزب الله رفض، عند اختطاف الجنود قبل ثلاث سنوات، أن تفاوض الدولة اللبنانية “داعش” من أجل الإفراج عنهم أو عن جثامينهم.

وأثارت الخطوة سخطاً شعبياً وسياسياً عراقياً كبيرين، باستثناء حزب “الدعوة” بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ومليشيات “الحشد الشعبي”، والتي اعتبرت أن الهجوم عبر وسائل الإعلام العراقية على “حزب الله” يخدم إسرائيل، وأن العدد الذي تم نقله لا يشكّل خطراً على العراق. بينما اعتبر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الاتفاقية بأنها اعتداء على العراق، كما وصفها رئيس البرلمان سليم الجبوري بأنها تنكّر لدماء العراقيين وتضحياتهم وتهديد لسلامة وأمن العراق.

في غضون ذلك، كشف القيادي في التيار الصدري الشيخ حسين البصري، لـ”العربي الجديد”، أن زعيم التيار، مقتدى الصدر، أصدر أوامر بتحرك لواء “اليوم الموعود” و”سرايا السلام” (مليشيات تابعة للصدر) صوب الحدود مع سورية. وأوضح البصري أن المئات من مقاتلي الفصيلين “سيتوجهون لدعم القوات العراقية هناك ومنع تسلل أعضاء التنظيم الذين نعتقد أن وجهتهم الحقيقية ليست البوكمال بل مدن أعالي الفرات العراقية غرب الأنبار”. وأشار إلى أن “المجاهدين سيشاركون أخوتهم في الفرقة السابعة وقيادة عمليات البادية والجزيرة ولواء حرس الحدود الثاني في مهمة إمساك الأرض وفرض مزيد من السيطرة على المنطقة الحدودية”.
يأتي ذلك بعد يومين من إصدار الإعلام المركزي للتيار الصدري بياناً قال فيه إن زعيم التيار أعلن حالة النفير على الحدود وأبلغ الحكومة استعداده للتعاون في تأمين الحدود المحاذية لمدينة البوكمال السورية.

العربي الجديد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى