لعناية وزير التربية والتعليم .. منصة درسك وليس درسي

سواليف
لعناية وزير التربية والتعليم
كتب … الدكتور فلاح العريني
منصة درسك وليس درسي

جاءنا كتابكم المؤلم الذي إن دلَّ على شيء فإنما يدلُّ على الأسف وبشاعة الموقف، وأنتم تَسخَرون منا كباراً وتستهزؤون بأبنائنا صغاراُ..
كتابكم الموشح بالتابلت، كمكرمة تربوية شعارها الاستعباد وترويض المواطن صغيراً لينقاد كبيراً دون أدنى معارضة..
وأنا استعرض كتابكم، ادركت الحقيقة وهي:
إن هدفكم اخبار العالم بأننا دولة ترعى التعليم من خلال توزيع التابلت على الطلبة ليتسنى لهم متابعة المنهاج الدراسي بما يكفل سير العملية التعليمية، فأنتم بذلك تخدعون انفسكم قبل ان تخدعون الجوار ودول العالم المتقدم عنا الف فرسخ فلكي وعشرات السنوات الضوئية.
معالي الوزير..
قبل ان أدخل معك بالتفاصيل، هل لك ان تخبرنا عن مصدر هذه الاجهزة؟
ومن فاز بالعطاء؟
ولصالح من هذه الصفقة الرابحة في الدنيا والخاسرة بين يدي الواحد الديان؟
معالي الوزير..
وقبل ان اخوض معك في فحوى كتابك المبتور، هل انت من كتب هذا الكتاب الاشبه بعقد النكاح الفاسد الذي لايرتب اي اثرا شرعيا؟
كيف سولت لك نفسك صياغته وانت تدرك جيدا انك وزير للتربية والتعليم في الاردن وليس في سويسرا او الفاتيكان؟
والان يامعالي الوزير تقبل مني الملاحظات التالية:
#أولاً: كيف تضع شروطاً لصرف التابلت للطلبة الاردنيين الذين هم في نظر الدستور سواسية، والتعليم لهم الزامي، علما بأنك تربعت على عرش التربية والتعليم دون شروط ولا ادنى كفاءة تؤهلك لأن تكون وزيرا للتربية والتعليم في ظل وجود كفاءات وقامات وطنية وتربوية مقبولة للشعب ولها القدرة على ادارة العملية التعليمية والسير بها الى بر الأمان على العكس منك تماما..
#ثانياً: من اخبرك يامعالي الوزير أن المعونة الوطنية معيارا للفقر؟
الم تعلم ان المعونة الوطنية معيارها الواسطة وليس الفقر، ولو كانت الحاجة وقلة الحيلة هي المعيار لوجدت ٩٥% من الشعب الأردني يتقاضون من صندوق المعونة الوطنية، واقول جازما ان الفئة الوحيدة المستثناة من المعونة الوطنية هي انت وزملاؤك من الوزراء ورئيس حكومتكم وافراد الحاشية من النواب والاعيان ورؤساء الهيئات، وخلاف ذلك تحق عليهم النفقة والشحدة على باب المقصف المدرسي الذي اقتطعت اليك نسبة من ارباحه.
فعن أي معونة تتكلم وانت تطارد اطفال الروضة والصف الاول في ارباح اسهمهم في مقاصف المدارس، وتقتطع لجيبك نسبة من هذا المال الوقف؟
#ثالثاً: تضع معاليك شرطا للحصول على التابلوت بوجود ثلاثة اخوة او اكثر على مقاعد الدراسة..
فهل تريد لهذا الشعب الكادح ان يتكاثر بالتبرعم لتحقيق هذا الشرط؟
الم تكونوا بالامس دعاةً لتحديد النسل؟ واليوم وكأنكم اتيتم لنا بنظرية جديدة مفادها: التابلت واللولب لايلتقيان.
ثم هل تتصور يامعالي وزير التربية ان يتشارك كل ثلاثة اخوة بجهاز واحد؟
الايكفي ان ابناءنا شركاء في ثلاثة:
الحذاء، والبنطلون، والقرطاسية.
#رابعاً: أحزنتني يامعالي الوزير وابكيتني، بل وبهدلتني وانت تشترط ان يكون الطالب في مناطق نائية لاكهرباء فيها ولا انترنت..
يارجل في الدول المتقدمة التي تحترم شعبها ولاتسرق قوت يومهم، حتى المقابر فيها كهرباء.
الا تعلم يامعالي الوزير اننا نعيش كشعب مكلوم في مناطق نائية او مبيوعة او مؤجرة..
اقسم لك بذلك، فنحن شعب نعيش الفقر والذل والهوان..
وان كنت تتحدث عن وجود الكهرباء او عدمها كمعيار للمناطق النائية، فعليك تصحيح معلوماتك ان كان لديك في الاصل معلومة..
هنالك مناطق مظلمة في وسط المدن والقرى، ليس لعدم وصول الكهرباء اليها بل لانقطاغ التيار الكهربائي بسبب تراكم الفواتير والعجز عن السداد.
#خامسا: يامعالي الوزير كنت اود أن اقول لك لقد اخجلت تواضعنا، لكن للاسف لقد اخجلتنا واحرجتنا ونحن التربويون، وانت تتحدث عن تابلت في مناطق لاكهرباء فيها..
هل اجهزتكم تعمل على الكاز او الجفت ؟
#سادسا: حتى لو آمنا بنظرية التابلوت في زمن كورونا، يبقى السؤال:
هل تصدق بوجود منصات تعليمية حقيقية؟
هل تؤمن بجدوى منصة درسك؟
هل تصدق بوجود طلبة يتابعون المنصة، ويفهمون عليها ويتفاعلون معها؟
ان كنت تؤمن بأسئلتي السابقة فقد كفرت بحق التعليم.
يامعالي الوزير..
نحن فرحون جدا بالتعلم عن بعد..
عالاقل تخلصنا من قراراتكم الوهمية الجافة التي لاتراعي ابجديات التعلم.
نحن فرحون جدا وقد تخلصنا من المصروف اليومي لابنائنا، ذلك المصروف الذي نفكر بجمعه ليلا، ونبكيه فجرا، ونتألم على فقده ظهرا،
فحسبي الله ونعم الوكيل عليكم فردا فردا..
الم تسأل نفسك يامعالي الوزير اين ابناؤنا الطلبة طيلة هذه الفترة؟
اتظنهم في الملاهي والرحلات؟
لا يامعالي الوزير..
ابناؤنا لايعلمون شيئا عن منصة درسك ودرس الحكومة اللي جابتك..
ابناؤنا نسوا الكتاب والمعلم والطبشورة والسبورة التالفة..
ابناؤنا نسوا الغرفة الصفية التي لاتصلح للبهائم..
ابناؤنا نسوا حمامات المدرسة المقطوعة من الماء، وخزان الماء المثقوب والملوث، وسقف الصف الآيل للسقوط..
ابناؤنا نسوا كل جميل ولم يتذكروا الا المقصف المدرسي الذي كانوا يتداينون منه بربع دينار ويغيبون في اليوم التالي عن المدرسة خوفا من سداد المبلغ.
ابناؤنا يا تيسير يسر الله امرهم وتوظفوا بحمد الله..
نعم توظفوا وهم في سن السابعة ودون الرجوع الى ديوان الخدمة المدنية..
نعم توظفوا في قطاف الزيتون براتب يومي دينارين ونصف مع وجبة غداء تتكون من علبة سردين وحبة ليمون.
نعم توظفوا عتالين للطوب والربس، على نظام المكافئة، كل طوبة تحميل وتنزيل بشلن يامعالي الوزير، نعم شلن يامن تجهل الشلن والبريزة والدينار وام العشرين، ولاتعرف الا الدولار والجنية الاسترليني.
عذراً معالي الوزير..
ليس لابنائنا وقت لحضور منصة درسك، فدوامهم يبدأ من الفجر وحتى العشاء..
اتمنى ان يبقى الدرس درسك، اما نحن معشر الكادحين فدروسنا تختلف عن دروسكم..
فدروسنا لاتضعها لنا كولينز، بل دروس عز وكرامة وحرية وضعها لنا الاباء والاجداد الذين بني الوطن على اكتافهم وصبرهم، وليس على منصتك والتابلوت بتاعك..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى