تخرج / رائد عبدالرحمن حجازي

تخرج
يا عمي مش هيتش إللي بفرح بالتخرج … تسكير شوارع وإطلاق نار … والله قرفتونا القراية والشهادات.
شوفوا هالتخريج ما أحلاه .
بعد الإنتهاء من دورة اللغة العربية وتحفيظ القرأن عند شيخ الكُتّاب وهو رسمي أبو الضباع (كونه كان حافظاً لأحكام و تلاوة القرآن الكريم ) ها هو رسمي يُخبر الصبية بموعد تخريجهم من هذه الدورة قائلاً لهم : إسمعوا تا أحتشيلكوا الخميس الجاي بتيجوا مِطقمين وبتخبروا أهاليكوا مشان نلتقي بالجامع بعد صلاة العشى … فاهمين .
بالمقابل كل واحد من الصبية راح يتجهز ليوم التخريج … بحيث يتم إجراء إختبار بسيط لكل واحد منهم من مرآى ومسمع ذويه كنوع من التأكيد لأولياء الأمور على أن أولادهم قد أتموا حفظ القرآن .
محسن وأنور(الأهتر) وعلي (البُعط) وجميل (أبو الستشن) وزعرور(الكُرزم) يتجهزو بدشاديشهم البيضاء وقد تم تبيتها تحت ضغط الفرشات الموجودة بالمطوى قبل يوم حتى تتخذ الكسرات المطلوبة (يعني إن غابت عنكوا كوي بالفرشات), وحطات الرأس البيضاء …. سعادة ما بعدها سعادة فهم بعد هذا اليوم سيتحرروا من دروس رسمي وخيزرانته .
مع غروب شمس يوم الخميس الكل مدعو للمسجد بعد صلاة العشاء , طبعاً أولياء الأمور قد جهزوا هداياهم لرسمي الذي لطالما كان ينتظر هذا اليوم حيث سيجمع من السمن والزيت والحبوب ما يكفيه لفترة زمنية ليست بالقصيرة … طبعاً رسمي كان يتعمد إجراء التخريج بعد انتهاء موسم الحصاد لسببين الأول إفساح المجال للصبية لمساعدة أهاليهم بالحصيدة وجمع المحصول والسبب الثاني وهو الأهم لكي يجمع من الحبوب ما قسمه الله من محاصيلهم الزراعية .
المختار مثقال قد جهز طعام العشاء للحضور وهو عبارة عن صواني صيصان محمرة بالطابون (بوفيه مفتوح 3 نجوم) بالإضافة لصُرر بيض الحمام (ملبس على لوز) كان قد تم التوصية عليها من الشام مع أحد تجار المدينة مُسبقاً .
بعد صلاة العشاء يتقدم رسمي بالشكر والثناء على طلابه ويستسمح منهم عما بدر منه اثناء الدورة ويطلب من كل واحد منهم تلاوة ما تيسر حسب ما يحدده هو لهم . تنتهي مراسم التخريج ويتناول الجميع الطعام وقبل المغادرة يطلب مثقال من حفيده محسن توزيع صُرر الملبس على ألجميع .
إحتفال سنوي بسيط وسعادة كبيرة كانت تعم الجميع دونما إزعاج … أما هذه الأيام كم من أفراح إنقلبت لأتراح بسب إطلاق العيارات النارية والرصاص الطائش الذي يصيب الآمنين في بيوتهم وفي كثير من الأحيان تكون الوفاة او إعاقة دائمة نتيجة لهذا التصرف الأرعن وغير المسؤول .
يا حبذا لو أن الجهات الأمنية والتشريعية وأصحاب القرار يعملوا على تفعيل وتغليظ العقوبات لمنع مثل هذه المآسي في أفراحنا .
أدام الله الفرح والسرور في بيوتكم العامرة وحمانا وحماكم الله من كل مكروه .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى