كُنْ كَالْمِنْشَارِ

كُنْ كَالْمِنْشَارِ

الْكَاتِبَةُ :-هِبَةُ أَحْمَدَ الْحَجَّاجِ

إِذَا أَرَدْتَ تَقَدُّمًاً وَ نَجَاحًاً * فَمَلَأَ الْعُمْرَ هِمَّةً وَ كِفَاحًاً
فِي الْحَيَاةِ يَشْقَى بِهَا كُلُّ حَيٍّ * وَ زَمَانٍ يُرَى الْفَسَادُ صَلَاحًاً

وَ هُمُومٌ تَهُبُّ مِنْ كُلِّ صَوْبٍ * وَ مَآسٍ قَدْ أَثْخَنَتْنَا جِرَاحًاً

فَرَكِبَ الصَّعْبَ كَيْ تَفُوزَ بِنَجْحٍ * إِنَّ فِي نِيلِكْ النَّجَاحَ فَلَاحًاً

حَيَاتُنَا مَلِيئَةٌ بِالتَّجَارِبِ الْفَاشِلَةِ ، حَتَّى أَنَّنَا يُمْكِنُنَا الْقَوْلُ إِنَّ الْفَشَلَ كَأْسٌ يَمُرُّ عَلَى كُلِّ النَّاسِ ، الطِّفْلُ/ةٌ وَالشَّابُّ/ةُ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْفَقِيرُ وَالْغَنِيُّ وَالْمَسْؤُولُ وَالْعَامِلُ ، نَحْنُ بَشَرٌ وَالْفَشَلُ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ طَرِيقٍ مُمَهِّدٍ لِلنَّجَاحِ ، الْفَشَلُ !!
مَا هُوَ ؟ مَاذَا تَعْتَقِدُ ؟؟!
الْفَشَلُ : عِبَارَةٌ عَنْ مَأْزِقٍ وَقَعَ فِيهِ شَخْصٌ مَا وَاسْتَسْلَمَ لَهُ .
وَالنَّجَاحُ : هُوَ الْحَلُّ لِهَذَا الْمَأْزِقِ وَبِالتَّأْكِيدِ لَمْ يَأْتِي هَذَا الْحَلُّ إِلَّاّ بَعْدَ مُحَاوَلَاتٍ وَمُحَاوَلَاتٍ كَثُرٍ ، حَتَّى تَمَكَّنَا مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ هَذَا الْمَأْزِقِ اللَّعِينِ .
الْفَشَلُ يَجِبُ أَنْ تَسْعَدَ بِهِ لَا أَنْ تَحْزَنَ عَلَيْهِ ، لِأَنَّهُ الْوَحِيدُ الَّذِي سَيُعْلَمُكَ وَ يُعْطِيكَ دَرْسٌ لَنْ تَنْسَاهُ ، الْفَشَلُ سَيَصْفَعُكَ صَفْعَةً تَجْعَلُكَ مَجْبُورًا أَنْ تُفَكِّرَ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ الْمُظْلِمِ ، وَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَكَ حَاوَلْ مَرَّاتٍ وَمَرَّاتٍ حَتَّى تَشْعُرَ بِطُعْمِ النَّجَاحِ حَتَّى تَعْلَمَ كَمْ أَنْتَ إِنْسَانٌ/ةٌ عَظِيمٌ/ةَ ، الْفَشَلُ يُحَاوِلُ أَنْ يَقُولَ لَكَ ” الْحَيَاةُ لَيْسَتْ عَلَى طَبَقٍ مِنْ الذَّهَبِ ” الْحَيَاةُ لَا بُدَّ أَنْ تَفْشَلَ وَتَنْهَزِمَ وَتَخْسَرَ وَتَعُودَ مِنْ جَدِيدٍ ، وَلَوْ أَنَّ الْحَيَاةَ دَائِمًا تُعْطِيكَ النَّجَاحَ وَلَمْ تُذِيقْكَ طَعْمَ الْفَشَلِ ، كُنْ عَلَّ يَقِينٍ لَمْ وَلَنْ تَشْعُرَ بِطَعْمِ النَّجَاحِ وَلَنْ تَشْعُرَ بِالرِّضَى عَنْ نَفْسِكَ وَكَأَنَّكَ تَعْمَلُ وَتَعْمَلُ ثُمَّ تَنْجَحُ وَتَعْتَادُ عَلَى النَّجَاحِ وَكَأَنَّهُ شَيْئًا اعْتَدَّتْ عَلَى تَنَاوُلِهِ كُلَّ يَوْمٍ .
الْفَشَلُ مِفْتَاحُ النَّجَاحِ إِذَا كُنْتَ مُؤْمِنًا بِذَلِكَ ، إِذَا فَشِلْتَ لَا تَجْلِسُ فِي غُرْفَتِكَ وَتُغْلِقُ النَّوَافِذَ وَتَبْكِي وَتَنْدَبُ حَظْكَ
وَتَقُولُ أَنَا فَاشِلٌ مَاذَا أَفْعَلُ ، حَظِي هَكَذَا مَاذَا أَفْعَلُ ؟
وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
“نَعِيبُ زَمَانَنَا وَالْعَيْبَ فِينَا وَمَا لِزَمَانِنَا عَيْبٌ سِوَانًا
وَنَهْجُو ذَا الزَّمَانَ بِغَيْرِ ذَنْبٍ وَلَوْ نَطَقَ الزَّمَانُ لَنَا هَجَانًا” .
قُمْ وَافْتَحِ النَّوَافِذَ وَأَجْعَلِ الشَّمْسَ تَشِعُّ بِأَشِعَّتِهَا الذَّهَبِيَّةِ الْأَمَلِ وَالتَّفَاؤُلُ فِي قَلْبِكَ وَكَأَنَّهَا تَقُولُ لَكَ ” مَا بَعْدَ الضِّيقِ إِلّا الْفَرْجَ ” اصْنَعْ أَنْتَ حَظَّكَ ، وَ اجْعَلْ الْعَالِمَ يَقُولُ وَيُشِيرُ بِإِبْهَامِهِ عَلَيْكَ ” هَذَا الَّذِي عَانَدَتْهُ الظُّرُوفُ وَالْمَوَاقِفُ ، هَذَا الَّذِي تَعَثَّرَ بِكُلِّ حَجَرٍ فِي الطَّرِيقِ وَ اصْطَدَمَ بِكُلِّ حَائِطٍ فِي الْمَدِينَةِ وَلَكِنَّهُ تَصَالَحَ مَعَ الظُّرُوفِ وَأَزَالَ كُلَّ الْحِجَارَةِ وَكَسَرَ الْحِيطَانَ الَّتِي اصْطَدَمَ بِهَا” .

كُنْ “كَالْمِنْشَارِ”
عِنْدَمَا مَرَّ جِسْمُ الْأَفْعَى مِنْ فَوْقِ الْمِنْشَارِ مِمَّا أَدَّى إِلَى جُرْحِهَا جُرْحًاً بَسِيطًاً،ارْتَبَكَتِ الْأَفْعَى وَكَرِدَّةِ فِعْلٍ قَامَتْ بَعْضُ الْمِنْشَارِ مُحَاوَلَةً لِدْغِهِ، مِمَّا أَدَّى إِلَى سَيَلَانِ الدَّمِ حَوْلَ فَمِهَا.
وَلَمْ تَكُنْ تُدْرِكُ الْأَفْعَى مَا يَحْصُلُ، وَاعْتَقَدَتْ أَنَّ الْمِنْشَارَ يُهَاجِمُهَا، وَحِينَ رَأَتْ نَفْسَهَا مَيْتَةً لَا مَحَالَةَ؛ قَرَّرَتْ أَنْ تَقُومَ بِرِدَّةِ فِعْلٍ أَخِيرَةٍ قَوِيَّةٍ وَرَادِعَةٍ، الْتَفَتَ بِكَامِلِ جِسْمِهَا حَوْلَ الْمِنْشَارِ مُحَاوَلَةً عَصْرِهِ وَخَنْقِهِ.

اسْتَيْقَظَ النَّجَّارُ فِي الصَّبَاحِ وَرَأَى الْمِنْشَارَ وَبِجَانِبِهِ أَفْعَى مَيْتَةٌ لَا لِسَبَبٍ إِلَّاّ لِطَيْشِهَا وَغَضَبِهَا.

كُنْ أَنْتَ الْمِنْشَارُ ” النَّاجِحَ ” الَّذِي يَقْضِي عَلَى كُلِّ الْأَفْكَارِ السَّلْبِيَّةِ وَالْمُحْبِطَةِ وَالظُّرُوفِ الصَّعْبَةِ وَالْعَثَرَاتِ، الْأَشْخَاصُ الَّذِينَ دَوْرَهُمْ فَقَطْ فِي الْحَيَاةِ الْإِحْبَاطُ ، أَنْتَ لَا تَسْتَطِيعُ ،أَنْتَ لَا تُقَدِرُ، مَنْ أَنْتَ حَتَّى تَفْعَلَ ، أَنْتَ تُنْجِزُ! مُسْتَحِيلٌ ، وَالْكَثِيرُ الْكَثِيرُ مِنْ الْأَقْوَالِ الَّتِي تَجْعَلُ الْإِنْسَانَ يَخْتَنِقُ وَيَخْتَنِقُ وَكَأَنَّهُ أَصْبَحَ عَاجِزٌ كَمَا فَعَلَتْ تَمَامًا ” الْأَفْعَى عِنْدَمَا أَرَادَتْ أَنْ تَقْضِيَ عَلَى الْمِنْشَارِ” .

عُودَ نَفْسِكَ عَلَى التَّجَاهُلِ فَلَيْسَ كُلُّ أَمْرٍ يَسْتَحِقُّ وُقُوفَكَ.

يَقُولُ تُومَاسْ أَدِيسُونْ “أَقْنِّعْ نَفْسَكَ بِقُدْرَتِكَ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ” فَمَقُولَتُهُ الْخَالِدَةُ كَانَتْ ” أَنَا لَمْ أَفْشَلْ، بَلْ وَجَدْتُ 10,000 طَرِيقَةً لَا يُمْكِنُ لِلْمِصْبَاحِ الْعَمَلُ بِهَا.”

  • ثِقْ بِنَفْسِكَ دَومًاً: فَهُوَ يَرَى فِينَا الْقُدْرَةَ عَلَى صُنْعِ أُمُورٍ خَارِقَةٍ بِقَوْلِهِ : ” لَوْ قُمْنَا جَمِيعًاً بِمَا نَسْتَطِيعُ فِعْلَهُ لَأَذْهَلْنَا أَنْفُسَنَا”.

وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَّبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلَاةِ. وَفِي لَفْظٍ”إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى” رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَحْمَدُ عَنْ حُذَيْفَةَ. وَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ.

وَنَحْنُ حِينَ نُصَلِّي نَرْبُطُ أَنْفُسَنَا بِاَللَّهِ الَّذِي يُهَيْمِنُ عَلَى الْكَوْنِ، وَمِنْهُ نَسْتَمِدُّ ثَبَاتَنَا وَ اتِّزَانَنَا عِنْدَ نُزُولِ الْكَرْبِ.

النَّجَاحُ ثَمَرَةٌ لَا يَسْتَحِقُّهَا إِلّا الْمُجْتَهِدُ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى