فنانون وكتّاب اردنيون يرفضون اقامة (الحدّ) على الإبداع

العرب اليوم- رسمي محاسنة…
لست معجبا بالسيرة السينمائية للممثل عادل امام وباستثناء افلام قليلة مثل الحريف و احنا بتوع الاتوبيس لا اجد في السينما التي قدمها شيئا ذا قيمة, وفي اخر زيارة للاردن للمشاركة في مهرجان جرش, فان كثيرا من الزملاء يذكر الخلاف بيني وبينه, لانه كان يعيش حالة عالية من الاحساس بالعظمة, ولا يقبل من احد ان يناديه بأقل من لقب الزعيم, وكان سبب خروجه عن طوره عندما قلت له ان افلامك عن الارهاب, هي نفس وجهة نظر الحكومة, لانها كانت تأخذ بالنتائج من دون ان تبحث في الاسباب التي دفعت شبابا عاديا وسويا في حياته الى العنف والتطرف, وان افلامك كلها تأخذ بالشكل النهائي لتكون ادانة جاهزة للاسلاميين, من دون البحث في البيئة, والظروف, والدوافع, وغياب العدالة وتكافؤ الفرص, والفقر والجهل.
هذا بالطبع الى جانب ان الممثل عادل امام لا احد ينكر قربه الكبير من النظام, واركانه, ولم يضع مسافة بينه وبين رجالات النظام.
على الجانب الاخر فان الاسلاميين في مصر الذين يحاولون الاستئثار بالسلطة مجلس الشعب, والشورى, والرئاسة وبشكل لن يختلف عن استئثار حكم مبارك فانهم وبدهاء شديد اختاروا التوقيت, والشخصية, وان اختيارهم لشخصيةعادل امام لم يكن عبثيا, وانما عن دراسة ماكره, فهو شخصية لها نجوميتها – بغض النظر عن مستوى ما يقدمه- وبالتالي فهم بدأوا بالثور الابيض تمهيدا لالتهام بقية القطيع, وفي الوقت نفسه فان الكل يعرف انه كان قريبا من النظام, وعليه فانه سيكون هناك قلة تدافع عن عادل امام, وهم سيركبون الموجة العاطفية, باعتبار ان افلام عادل امام لا تصمد امام التحليل, لذلك فانه يحمل باعتقادهم اداة ادانته بيده.
وبناء عليه فانه بدات حملة شرسة ومنظمة, ويتناوب عليها اطراف من هنا وهناك, تهدف كلها الى خنق الفن والابداع, وان لم يكنعادل امام هو نموذج الابداع.. ولذلك ارتأينا في العرب اليوم ان نعرض آراء بعض الفنانين الاردنيين وبعض الكتاب في هذه القضية. وقد اعتذر البعض على اعتبار ان امام كان بمثابة مخلب قط لنظام مبارك واتصلنا مع مخرجة مصرية لها فيلم الاجندة.. وانا عن ثورة ميدان التحرير.
حرية الرأي مصانة
قال المخرج خالد الطريفي ان حرية الرأي والتعبير مصانة لا بل والمفروض مقدسه, في القرآن في كلام الله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) الرأي والتعبير يواجه بالرأي والتعبير, ليس من حق اي كان ان يمنع انسان من قول رأيه, حتى في الشريعة باب الاجتهاد مفتوح, العمل الفني يقارع بعمل فني, نقد السلبي في الانسان لتصحيحه هذا ما تدعو له الاديان, البشر ليسوا ملائكة.
فهم متخلف وجاهلي
اما المخرج فيصل الزعبي فقال: أي موقف من الفنان ومن تجسيده لأي دور يقوم به هو: فهم متخلف وجاهلي لطبيعة الفن ووظيفة الفن… لأنه قد يقوم فنان بتجسيد دور ليس بالضرورة أن يتوافق معه فكرياً أو أخلاقياً.. ثم أي قيد على عملية الابداع وانتاجها وخلقها.. يقودنا للعصور الوسطى الظلامية…. لكن هذا الموقف أو الرأي يبدو كلاماً عابراً على عقل عابر… ان محاسبة شخص ما على موقف فكري من الأساس قد انتهى فيه النقاش… تتجسد مشكلة الفنان عادل إمام ليس فيما يجري عليه وحسب إنما الخوف من تأصيل نمط فكروي سلطوي وايدولوجي من عمليات الابداع برمتها.. وخلق رقيب داخلي أو خارجي أو الرقيبين معاً يفتك بعقل جيل بأكمله… اظن إن المبالغة في عقوبة السجن على عادل إمام هو تصفية حسابات قديمة مع موقف الفنان سابقاً من الحركات الارهابية السلفية.. أو موقفه من النظام المصري السابق.. إن أي ثورة تقوم بالانتقام ولا تخضع نفسها للمسامحة والمصالحة مع المختلفين معها أولاً ومع المهزومين من خصومها ثانياً هي ليست ثورة انما حركة قرصنة سياسية مصيرها الهزيمة.. ليطلق سراح الفنان عادل امام وليتم التراجع عن القرار الجائر بحقه وبحق العقل برمته
اما الفنانة سهير فهد فعبرت عن رأيها قائلة يفترض ان يكونوا معتدلين وأنا شخصيا أستهجن هذا القرار ولا أجد له مبررا مقنعا. وبت خائفة على شكل المشهد الثقافي والفني في العالم العربي, فإن كان يحدث هذا في مصر ما الذي سيحدث في بقية الدول العربية.
مرحلة انحطاط ثقافي
اما الشاعر والكاتب موسى حوامدة فعبر عن خشيته قائلا: ان هذا ما نخشاه من صعود الاسلاميين واستلامهم الحكم وبدل ان يحاولوا تقديم صورة حضارية للناس عنهم يتسارعون لبث كراهيتهم للفن والثقافة إنهم بهذه الطريقة يضعون المثقفين امام خيارين إما تأييد الانظمة القائمة وحكم الجيش في مصر وسورية مثلا وإما طلب الهجرة قبل أن يتمكنوا من استلام السلطة وستكون مرحلة انحطاط ثقافي مخيف, حيث ستعود محاكم التفتيش من هنا بدأت أغير رأيي تجاه الربيع العربي وأضحي بأحلام اليقظة التي تمتعت بها قليلا لأعود للقول إنه خريف عربي بل مخطط لتسلم الاسلاميين الحكم لتخريب تلك المكتسبات البسيطة التي حققناها وتخريب الحياة الاجتماعية وتكميم افواه الفنانين والممثلين وهنا أؤكد على ضرورة فصل الدين عن الدولة وعدم السماح للاحزاب الدينية أيا كان حجمها بالمشاركة في العملية الديمقراطية لانهم لا يؤمنون بها اصلا وعلى من يريد المشاركة في لعبة الديمقراطية ان يكون مقتنعا بها وحريصا على تطبيقها وألا يعتبرها مدخلا للقبض على ارواحنا وبعد ذلك أن يسارع في التحكم بنا. إن محاكمة عادل امام اشارة مبكرة الى عصور الظلام القادمة, فيما لو بقينا ننتظر مصيرنا الأسود.
اعداء التقدم والحرية
وقالت الفنانة نادرة عمران هذا التحقيق مهم جداًً في توقيته, لإن المنتصر في هذه القضية هو الذي سيحدد مساحة التعبير وانا ضد كل ما يتعرض له الفنان عادل امام كما أنا ضد ان يتعرض اي مبدع لأي مساءلة تحد من مساحة تعبيره حيث ان الإبداع يتخطى التعصب والتزمت الديني او القبلي, والفنان عادل امام انتقد حالات في مجتمعنا تمارس تحت ستار الدين كل ما هو بعيد عن الدين, وهؤلاء هم أعداء التقدم والحرية والحداثة التي تسعى لها كل مجتمعاتنا والقضية الراهنة ضد امام هي الدليل البارز على الاتجاه الذي تنوي هذه الجماعات الظلامية جرجرتنا اليه.
زحف المتسالمين على الثورة
المخرجة نيفين شلبي فعبرت عن رأيها قائلة: ما حدث بعد الثورة المصرية من زحف المتآسلمين على السلطة وفوزهم باغلب المقاعد البرلمانية ومجالس النقابات كان شيء طبيعي ومتوقع فقد خرجوا مثل غيرهم من الجماعات المضطهدة فكان الشعب المصري كله مضطهدا من النظام المصري, وليس هم فقط….. ولكن لتنظيمهم ووجود رؤوس اموال معهم مجهولة المصدر استطاعوا ان يخططوا بعد الثورة مباشرة لاكتساب اكبر كم من المقاعد البرلمانية….. مرتدين عباءة الدين متحدثين باسمه وكانهم هم حامو الحمى ونحن الكفرة عبدة الاصنام … مع اننا طبقة الشباب والمثقفين والفنانين كنا اكثر فئات الشعب نضالا من خلال اعمالنا و لم نسمع شيئا عن هؤلاء المتآسلمين سوى بعد الثورة…. راحو يخبطون شمالا ويمينا لكسر شوكة الفنانين والمثقفين لانهم اكثر فئات المجتمع وعيا بحقيقتهم ونستطيع ان نفضحهم سواء في الصحف او في الافلام … الخ وخوفا منا بدأوا في رفع قضايا على اكبر الفنانين في مصر للحد من حرية الابداع على اكبر النجوم حتى يخاف الصغار من العقاب…. ولكن هذا لن يفلح معنا هجوهم على عادل امام اكبر نجم ومحاولة سجنه لن تنجح وسنتصدى لهم كما كنا نحارب النظام ولن نخاف من رسائل وخطب التكفير بل سنفضحهم في كل مكان وبكل اللغات فقد اصبحت عباءة الدين قديمة واصبح رجل الشارع ذا وعي اكبر.
كرباج السطو
اما المخرج نبيل نجم فقال الفنان عادل امام .. هــو علامة بارزة فــي تــاريخ الابداع العربي والعالمي والإنساني وعندما يريد باحث او دارس تحليل الحقبة الزمنية للخمسين سنة الفائتة سواء في مصــر او عالمنا العربي ستكون بصمات هـذا الفنان عاكسا ومرآة للحالات المتغيرة الكثيرة بين بدايات الثورة في مصر ومسالك الانحطاط والتردي العربي. الفنون كانت دائماً صرخات رافضة لكــل مرتقيات التخاذل والتطرف التي تسعــى القوى الاستعمارية في كــل المناسبات لتعميمها وتجميلها ضمن مشروع الهيمنة الــذي ما غاب عنها منذ بدايات القرن سواء في مراحل الاحتلال العسكري للمنطقة, ووعد بلفور وحتى الأن .. حيث اقتحموا فكــرنا وحروف كــلماتنا وفرضوا علينا صياغة جملنا بالمعاني التي يريدون و استطــاعوا تقييد قدرتنا على البوح حتى عن آلامنا. اما المؤلم بالأمــر أن أدواتهــم بين ظهرانينــا تعيش وتعيث فساداً حملوها كرباج السطــوة وصــوت الحقيقة ملكوهم المال والدنيا والدين واشغلوا الناس بالناس وحركــوا الفتنة في الأمــة مـمنـوع السلاح, مــمـنوع الثقافــة, فلتُقتــل الفنــون كـــل الفنــون ولتهــان ولتنحني كــل الرموز والقامــات الــواقفــة والمحترمــة التــي قالت او تقول او ستقول لا لــلشيطــان نحــن فــي زمــنٍ عــرَفــه سيـد المرسلــين نحـــن فــي زمــن الرويبضــة يجلسون علــى خوازيــق البــاغــي المعتدي المحتــل ويدوسون بأقدامهم علــى القيم والمبادئ والكــرامة ويغمضــون أعينهــم عـــــن الحق السليــب ويسلطـــون مــدافعهــم وطــائراتهم وصــواريخهــم وعبقــريتهــم علــى العــدو عــادل إمـــام . القصـــة ضرب الابـــداع وبعنــاويــن مختلفــة هم يحـــددونــهــا.
منتهى الاستبداد والديكتاتورية
وقالت الفنانة د. ريم سعادة انا لست من المعجبات بأفلام الفنان عادل امام… رغم انه في بعض افلامه تناول قضايا انسانية واجتماعية جديرة بالاهتمام والمتابعة, وتسليط الضوء عليها اعلاميا سواء في الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة والاعلام الالكتروني الذي اكتسح عالم الاعلام… ولكنني في المقابل مع حرية الرأي والاعلام وأرفض ان يكون الحكم قضائيا… بل يجب التوجه الى نقد الاعمال الفنية بالاساليب الادبية والنقدية وتقديم الطروحات الفنية والابداعية للقضايا الانسانية, والاجتماعية والسياسية, والدينية, بشكل يرتقي الى انسانية الانسان, ورقي الفن, والحفاظ على قدسية الروحانيات. أما ان يحاسب فنان قضائيا لأنه شارك في عمل فني يسقط الضوء على قضية في غاية الاهمية وهي تضليل العقل الانساني, والعنف الاجتماعي الذي يتم باسم الدين وكشف اللثام عن اشكال واساليب التضليل ويوجه الرأي العام الى نهاية مطاف العنف والتضليل وكيف يقضي على المجتمعات والاسر, والشباب. واعتقد ان هذا منتهى الاستبداد والدكتاتورية وأسفي ان يأتي الخريف مبكرا على ارض النيل بعد ان أزهر ربيعها العربي وان كان هذا حصاد الربيع العربي فالأجدى ان نعيد النظر في البذار التي نبذرها في اراضينا واوطاننا حتى يكون حصادنا غلال القمح وليس غلال الزؤان والاشواك.
حرية بلا سقف
وقال الكاتب مفلح العدوان أنا مع الحرية بلا سقف.. وما يحدث هو وصاية على العقل والابداع وردّه باتجاه العصور الظلامية, وسبق ان تمت ملاحقة المبدعين والمفكرين والفلاسفة كمثل هذه الحالة لكن في النهاية كانت الغلبة للعقل والابداع والحرية.

اما الفنان زهير النوباني فقال: لم تتطور الامم والمجتمعات الا بمناخ من الحرية والديمقراطية والثقافة والفنون هي العنوان الاول لمقياس حضارة الامم. وكما نعرف ان كل المثقفين والفنانين الاحرار في العالم وكل المواثيق الدولية ضد اية وصاية, او رقابة, من اي جهة كانت سياسية, او دينية, او اجتماعية, على الثقافة والفنون والابداع عموما. وموقفي الشخصي ينسجم انسجاما تاما مع ذلك.
التمسك بالاسلام الوسط
وقال الموسيقار هيثم سكرية: في كل يوم يثبت لنا من يسمون انفسهم اسلاميين انهم بعيدون عن الاسلام! ولا ادري من اين جاءت التسمية وكأننا غير مسلمين بالرغم من اننا نمثل الاسلام الوسط القابل لكل زمان ومكان ويستوعب لغة كل العصور بعكس نظرتهم المحدودة التي لا ترى من الاسلام غير مفردات القرون السابقة , كما انني ضد تسميتهم بالمتشددين! فنحن متشددون بالتمسك بالاسلام الوسط الذي يرتقي بعقلية البشر ويحترم الابداع والمبدعين ويفرق بين الحيوان والانسان الذي كرمه الله بمواهب الابداع والاحاسيس والتأمل والتفكر والتعبير عن الرأي بحرية واستيعاب الآراء الأخرى, فأين هم من ذلك? فنحن المتشددون وهم المنحرفون , نعم هم من انحرف عن مفهوم الاسلام السمح الذي يحترم كل الآراء ولقد نبذ الاسلام جميع اشكال الإكراه حتى الأكراه في الدين! ان اختلافهم حتى في الفرائض وكيفية ادائها جعلتنا لا نثق بآرائهم في جوانب متعدده في حياتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى الأخلاقية, ان هذا كله جعل منهم مادةً خام يبني عليها الفنان المسكون بهم الوطن كعادل إمام اعمالاً درامية تظهر تلك الجوانب المتناقضة والسلبية في مسلكهم, وفي هذا الصدد فأني اعتبر الفنان الكبير عادل امام صاحب فضل كبير في عكس صور واقعية للمشهد الاسلامي الذي يغرق في كثير من الخطايا والآثام وهو بريء مما ينسب اليه من تهمة ازدراء الأديان, وما حصل ما هو الا طعنة كبيرة للسينما المصرية لممثل ذي شأن ومكانة ليكون بمثابة التخويف لباقي الفنانين كبداية للسيطرة على باقي الفنون وقمع الآراء وقتل الإبداع , كما ان هذا الحدث يلقي بظلاله على المخاوف من انتشار التطرف و تأثير السلفيين والمتشددين في البرلمان المصري والذي يفوق نسبتهم ربع البرلمان, واني لأتمنى على الشعب المصري ان يتعظ من هذا الحدث وان يكون بمثابة العبرة من اجل الانتخابات الرئاسية القادمة, فمصر العظيمة تستحق لمن يقودها الى النهضة والتقدم لا التطرف وقمع الآراء, مصر المحروسة هوليوود الشرق وبلدي الثاني الذي درست وتعلمت فيه ومن رواده الكبار.
تصفية حسابات
وقال المخرج محمود الدوايمة انا اعتبر ان الفن هو سلاح مهم للوعي الفكري والوطني وهو منارة مهمة وهو اسهل طريقة ممتعة لايصال الرسائل المراد ايصالها سواء كانت تربوية او اجتماعية او دينية او سياسية لكن ان يهيمن على الفن من قبل فئة اي كانت فهذا امر خاطئ ومخيف وهيمنة خطيرة على افكار الناس وتحديدا الطبقات التي لا تحلل ما تتلقى عامة الناس وشريحة الاطفال وبالنسبة لحبس الفنان عادل امام انا ارى انه امر غلط وجريمة بحق فنان كبير قدم باعماله الكبيرة رسائل وانصاف للمجتمعات العشوائية وهو ان قدم عن الاسلاميين لم يكن يقصد الجميع بل كان يقصد فئة شاذة من هذه الفئة وكل شريحة توجد بها فئة شاذة بافكارها وتصرفاتها وانا اقول ما فعله الاسلاميون في مصر هو تصفية حسابات قديمة وهذه جريمة لا تغفر لهم لانهم ليسو اوصياء على الدين ولا على الاسلام.

أ.ر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى