ما أحوجنا الى كوليندا كيتاروفيتش ! / م . عبدالكريم أبو زنيمه

ما أحوجنا الى كوليندا كيتاروفيتش !
السيدة كوليندا هي رئيسة دولة كرواتيا الذي لفت فريقها لكرة القدم انظار العالم وكاد يحصل على كاس العالم لهذا الاولمبياد ، لكن السيدة كوليندا كانت محط اهتمام وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي العالمية ليس لأناقتها أو جمالها أو ثرائها وإنَّما لعفويتها وقربها من شعبها وحسها الوطني وانتمائها له وهي من قامت ببيع الطائرة الرئاسية وبعض القصور وخفضت راتبها ورواتب وزراء حكومتها وقامت بتخفيض الكثير الكثير من الامتيازات التي كان يستحوذ عليها المسؤولين في بلدها لصالح خزينة دولتها وهي التي تسافر على حسابها الخاص على الدرجة العادية بين شعبها دون كتائب من الحراسة والسيارات العسكرية المصفحة كأي مواطنٍ كرواتي، إنَّها تجاهد ليل نهار لوضع كرواتيا على خارطة الدول المتقدمة ،هذه الدولة حتما ستحجز مكانها في مصاف الدول المزدهرة اذا ما استمر هذا النهج وهذا الأداء لهذه السيدة.
وطننا العربي يتمتع بميزات تفتقر لها بقية دول العالم وكياناته، فإطلالاتهِ على المحيطِ الهندي والمحيط الأطلسي والبحر الأبيض والبحرِ الأحمر وتحكُمِهِ بالتجارةِ العالمية البحرية عبرَ مضيق باب المندب وجبل طارق وكذلك طرق التجارة البرية بين الشرق والغرب تجعل مِنهُ سيداً على العالمِ أجمع، أما مساحته الشاسعة الصالحة لأنواع الزراعات أجمع وفي كافة المناخات كفيلة بالقضاء على جميعِ أشكال الفقر والبطالة داخل حدوده وتجعل منه مُنتجاً ومُصدّراً للكثيرِ من المنتوجات والمحاصيل وخاصة الحبوب لدولِ الخارج، أما الثروات والموارد الطبيعية التي يزخر بها الوطن العربي فهي لوحدها كفيلة بأن تجعل من المواطن العربي الأعلى دخلاً في العالم، أما الموارد البشرية العربية فهي كفيلة بنقلنا إلى مصافِ الدولِ المتطورة لو وفِرت لها البيئة الحاضنة “الحقوق الدستورية” ووظفت لها الموارد المالية للابداع والتطوير والبحثِ العلمي ووسائل الإنتاج.
بدلاً من تطبيق كل ما سبق لرفعةِ ونهضةِ الوطنِ العربي، فإنَّ ما يحدث عندنا في وطننا العربي الكبير هو أنَّ الحكام والمسؤولين يبيعيون الطائرات والمطارات والموانيء والممتلكات العامة والموارد الطبيعية ليكنزوا عائداتها في البنوك والمصارف الأجنبية في حساباتهم الخاصة ويشتروا القصور والشواطيء واليخوت وأفخم الطائرات الموضوعة على أُهبةِ الاستعداد للاقلاع حول العالم لحضور لحفلات والسهرات وللاستجمام ، أما كبار المسؤولين فيتفننون في الاستحواذ على الامتيازات والرواتب الخيالية والسطو على المال العام والاملاك العامة، ومع نهاية كل عام تعرض الموازنات المالية التي تحتوي على عجزٍ دائم في غالبية دويلات وطننا العربي.
للأسف فان ولاة أمرنا لم ينظروا يوماً لمستقبلِ الأوطان العربية وشعوبها بعيونِ وقلب وطموح السيدة كوليندا كيتاروفيتش وإنَّما بعيونِ الفتنةِ والتفرقة والتجزئة ، حتى أوصلونا إلى هذا البؤسِ العربيّ الشامل، هناك في كرواتيا وماليزيا والمانيا وسنغافوره فإنَّ الحاكم يبذل قصارى جهده لخدمة ورفاهية شعبه، أما هنا فالدولة والشعب يخدمان الحاكم وحاشيته ! هناك قوانينهُم مُفصّلة على مقاسِ شعوبهم ومصلحتِها ، على عَكسِ حالنا فالقوانينُ هُنا تُفصَّل وتُعاد خياطتها على مقاسِ الحُكّامِ وزبانيتهم، فما أحوجنا اليوم كعرب لنلحَقَ بالعالم وحضارتِهِ لقادة وزعماء ككوليندا ومهاتير تفرزهم الدساتير والانتخابات الديمقراطية.
aboznemah@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى