كيف تمكنت بلدة صغيرة نائية من هزيمة فيروس كورونا؟

سواليف

رغم استمرار الجائحة في التفشي بكل بقاع العالم والدخول في إغلاق بسبب الموجة الثالثة الناجمة عن السلالة الهندية، فإن هناك تجربة ناجحة استطاعت التصدي لكوفيد- 19 في #بلدة نائية بالبرازيل.

كانت هذه البلدة، التي يبلغ عدد سكَّانها 45 ألفاً والواقعة جنوبيّ شرق #البرازيل، في القلب من تجربةٍ فريدة من نوعها على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، حيث تم تطعيم كلِّ شخصٍ بالغ تقريباً ضد #كوفيد-19 ومعرفة ما سيحدث.

في الأسابيع الأخيرة، بعد أن حصل معظم البالغين هنا على جرعتهم الثانية، تراجعت حالات الإصابة بكوفيد-19، وكذلك حالات الوفيات، وبدأت الحياة تعود إلى طبيعتها مع استمرار تفشي الجائحة في جميع أنحاء البرازيل، بحسب تقرير لصحيفة Wall Street Journal الأمريكية.

وفي قلب بلدة سيرانا، كان الأطفال يضحكون وهم يطاردون بعضهم البعض عبر الساحة الرئيسية، بينما توقَّفَت مجموعات من الأصدقاء -وكثيرٌ منهم لا يرتدون أقنعةً واقية- من أجل الدردشة والاستلقاء في شمس الظهيرة.

هل يمكن أن ينقذ اللقاح العالم؟

تقدِّم التجربة في سيرانا، وهي البلدة المنتجة لقصب السكر في البرازيل، الأمل للبلدان في جميع أنحاء العالم، تلك البلدان التي لا تزال تكافح ضد تفشي الفيروس الذي لن يتلاشى إلا بالتلقيح الشامل. وتقدِّم التجربة دليلاً جديداً على فاعلية لقاح الفيروس من سينوفاك، والذي يُطرَح في عشرات الدول النامية من مصر إلى الفلبين.

قُدِّمَ لقاح كورونافاك لجميع البالغين في سيرانا بين فبراير/شباط وأبريل/نيسان كجزءٍ من التجربة، والمعروفة باسم المشروع إس. وهي أول تجربة جماعية من نوعها يُلقَّح فيها سكَّان بلدة بأكملها قبل بقية البلاد.

لم يكن جميع سكَّان البلدة مؤهَّلين لتلقي اللقاح، بمن فيهم القاصرون الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً، والنساء الحوامل أو المرضعات، وغيرهم ممن يعانون من مشكلاتٍ صحية خطيرة. ومن بين حوالي 27,700 من البالغين المؤهَّلين تم تطعيم 27,150، أو 98% منهم، وفقاً لمسؤولي البلدة.
كورونا في البرازيل

ورفض معهد بوتانتان، وهو مركز الأبحاث العامة الذي ينتج لقاح كورونافاك في البرازيل ويدير التجربة، التعليق حتى تصدر النتائج الكاملة للتجربة الجماعية في وقتٍ لاحقٍ من الشهر الجاري، مايو/أيار.

وقال مسؤولو وسكَّان البلدة إنهم سعداء بالنتائج حتى الآن، إذ انخفضت الإصابات بنسبة 75% عن ذروة مارس/آذار في سيرانا، بينما لم تكن هناك وفياتٌ من الفيروس بين الأشخاص الذي تم تطعيمهم بالكامل، ما يشير إلى أن كورونافاك فعَّالٌ أيضاً ضد سلالة P.1 الشرسة التي تجتاح المنطقة.

وقال رئيس بلدة سيرانا، ليو كابيتيلي: “الأرقام تتحدَّث عن نفسها، إنها تجربةٌ ناجحةٌ حقاً”.

إنها قصةٌ مختلفةٌ عن جميع أنحاء البرازيل، حيث تم تطعيم 7% فقط بشكلٍ كامل. ويموت ما يقرب من مئة شخص يومياً بسبب الفيروس، بينما يقبع آلافٌ آخرون في المستشفيات المُكتظَّة.
لقاح صيني فيروس كورونا
تجربةً أُجرِيَت في البرازيل أظهرت أن لقاح كورونافاك، الذي تصنِّعه شركة سينوفاك، له معدَّل فاعلية يزيد قليلاً عن 50%/ رويترز

بعد تسجيل ما مُعدَّله 67 إصابة جديدة يومياً في سيرانا في مارس/آذار، بلغ متوسِّط الإصابات اليومية في البلدة هذا الشهر رُبع هذا المُعدَّل (17 إصابة في اليوم). وانخفض مُعدَّل الإصابة في البرازيل بنحو 24% منذ ذروته في مارس/آذار.

في أبريل/نيسان، تُوفِّيَ ستة أشخاص من الفيروس في سيرانا. ومن بين هؤلاء تلقَّى خمسة فقط الجرعة الأولى من اللقاح، وظهرت الأعراض على الضحية السادسة بعد يومين من الجرعة الثانية، ما يشير إلى أن الفيروس قد التُقِطَ في الفترة بين الجرعتين، وفقاً لما ذكره رئيس البلدة.

اللقاح للجميع

وقال مسؤولو سيرانا إن واحدةً من أكبر المفاجآت كانت أن الجميع تقريباً وافقوا على تلقي اللقاح. وفي استطلاعٍ على مستوى البرازيل أجراه خبيرٌ استطلاعيٌّ برازيلي، أُفيدَ بأن نصف المشاركين في الاستطلاع يرفضون تلقي أيّ لقاح من الصين، وشركة سينوفاك هي شركة مقرها الصين.

تبشِّر تجربة سيرانا بإضافة الوضوح إلى مزيجٍ عالمي من دراسات لقاح كورونافاك. في تجارب المرحلة الثالثة التي أجراها معهد بوتانتان أواخر العام الماضي، وجد المعهد أن اللقاح فعَّالٌ بنسبة 50% ضد أعراض العدوى، وبنسبة 100% في منع الحالات المميتة.

وقال الباحثون إن المتطوِّعين كانوا جميعاً من العاملين في المجال الطبي، على عكس تجارب المرحلة الثالثة للقاحاتٍ أخرى، مثل لقاح شركة فايزر، ما يعني أن المتطوِّعين تعرَّضوا لأحمالٍ فيروسية أعلى، وهذا من شأنه أن يؤدِّي إلى مُعدَّل فاعلية أقل قليلاً.
توفير اللقاحات لكبار السن في البرازيل قد يكون أحد الأسباب/ رويترز

وتوصَّلَت دراسةٌ أخرى واسعة النطاق، أُجرِيَت الشهر الماضي أبريل/نيسان ونظرت في النتائج عبر عامة الناس، إلى أن مُعدَّل فاعلية كورونافاك يبلغ 67%، على غرار نتائج دراسة إندونيسية العام الماضي. ووجدت الدراسة أن كورونافاك فعَّالٌ بنسبة 80% لمنع الحالات المميتة.

تقع بلدة سيرانا في ولاية ساو باولو، وقد اختيرت لأنها كانت بلدةً ذات مُعدَّل إصابات مرتفع. ويغادر حوالي ربع سكَّان البلدة كلَّ يومٍ للعمل، وخاصةً إلى مدينة ريبيراو بريتو القريبة.

وقدَّمَت شركة سينوفاك الجرعات دون تكلفة للتجربة في سيرانا، ومع السيطرة على الجائحة إلى حدٍّ كبيرٍ في الصين نظرت الحكومة في بكين إلى البدان المتضرِّرة بشدة مثل البرازيل لاختبار لقاحاتها.

وعندما أعلن معهد بوتانتان عن المشروع إس لأول مرة، قال إنه يأمل في أن تطمئن النتائج البرازيليين بأن اللقاح فعَّالٌ وآمن. وانتشرت الشائعات حول سلامة لقاح كورونافاك بعد أن أخبر الرئيس جايير بولسونارو أنصاره العام الماضي أن اللقاح يمكن أن يقتل، دون تقديم أدلة على مزاعمه.

وبعد أن انتقد بولسونارو اللقاح الصيني، الذي حصلت عليه حكومة ولاية ساو باولو بشكلٍ مستقلٍّ من بكين، وافقت إدارته على شراء 100 مليون جرعة، في يناير/كانون الثاني. وواصل الجنرال اليميني السابق بالجيش التشكيك في فاعلية اللقاح وسلامته، مع الترويج للعلاجات غير المُثبَتة للفيروس.

ويشعر معظم سكَّان سيرانا بالامتنان لحصولهم على فرصة التطعيم بالكامل. وبدأت ولاية ساو باولو في تحصين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و62 هذا الأسبوع، حيث تستخدم الحكومة إمدادها المحدود من الجرعات للمضي قدماً مع كل فئة عمرية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى