اعدام الكتب عبر التاريخ / يوسف غيشان

اعدام الكتب عبر التاريخ

كما نشأ القمع مع نشوء السلطات، فقد انتشر المنع ايضا مع انتشار الكتب، ومن ذلك الزمان، وفي كل زمان ومكان تتوافر فيه الكتب والمكتبات والقراء (طبعا) يتكاثر المانعون والمراقبون ،الذين يفرحهم اعدام الكتب ومؤلفيها، إن استطاعوا. صحيح ان نسبة المراقبين والقامعين تختلف من دولة الى اخرى ، لكن المنع والقمع يأخذ اشكالا وألوانا متنوعة تتناسب مع شكل ونوع نظام الحكم المناوب.
بالتاكيد فإن معظم ما وصلنا، حتى الان، من كتابات السومريين والفراعنة وغيرهم من القدماء، هو من الكتابات التي مرت تحت مقص الرقيب ونجت بورقها وحبرها، بينما لم تر الكتابات الأخرى النور، ولن تراه.
تاريخ الكتاب منذ اللوحات الطينية واللفائف الأولى مكتظ بالمجازر، ففي عام 441ق.م حرقت في اثينا كتب بروتاجورس، وبعد ذلك بمئتي عام تقريبا حاول القيصر الصيني “شي هوانغ” الغاء القراءة عن طريق حرق جميع المدونات والكتب في امبرطوريته.
وفي عام168ق حرقت، عن قصد، مكتبة اورشليم خلال انتفاضة المكابيين.وفي القرن الأول بعد الميلاد ارسل الإمبرطور الروماني اغسطوس قيصر الشاعرين اوفيديوس وكورنيليوس غالوس الى المنفى وحرّم تداول كتبهما. اما القيصر الروماني كاليغولا فقد امر بإبادة جيع مؤلفات هوميروس وفرجيل وليفيوس، لكن الأمر لم ينفذ، لحسن الحظ.
وفي عام 303 ميلادي أمر الإمبرطور ديوقيتليانس جميع المؤلفات المسيحية وابادتها تماما. وفي العصر الحديث، تحديدا في العاشر من ايار عام 1933وبحضور مئة الف متفرج تم حرق20000كتاب في برلين اام عدسات التصوير، حيث القى وزير الدعاية النازية غوبلز كلمة في (الإحتفال)، حيث اعتبر ان حرق كتب فرويد وماركس وزولا وشتاينبك وهمنغواي واينشتاين وبروست وجاك لندن وهانيريش مان وبرتولت برشت هو تهديد لكل من يقف في وجه الفكر النازي.
ذات عام شهد الشاعر العظيم غوته محركة كتب فأحس بأنه يشاهد عملية تنفيذ اعدام وقال:” ان مشاهدة شئ غير حي يحرق أمر مروع بحد ذاته”.
كتب فولتير ذات قرن:
– الكتب تشتت الجهل ، هذا الحارس الأمين والضامن الحريص للدول ذات الأنظمة البوليسية.
في النهاية ، فإن حارقي الكتب يقعون فريسة أوهامهم ويتصورون بأنهم يستطيعون الغاء التاريخ ويقاف عجلة التطور …وهذا مستحيل، فقد اندثر الطغاة، وجاء غيرهم، وما زالت الكتب تطبع بالملايين وربما بالمليارات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى