عندما تختزل أوجاع الوطن بصورة سيلفي مع الملك

عندما تختزل أوجاع الوطن بصورة سيلفي مع الملك

د. تغريد أبو سرحان
جامعة الامارات العربية المتحدة – العين
تبادلت منصات التواصل الاجتماعي وروجت مواقع الاخبار الالكترونية لفيديو طالبة الجامعة الهاشمية التي اختزلت طلبات وهموم الطلبة وشباب الأردن بصورة مع الملك وزيارة لقصره، وأكثر هذه المواقع عنون الفيديو بالعلاقة الرائعة بين الملك والشعب، ومن غربتي كدت اكفر بكل الاخبار التي تصلني منذ سنين من مختلف المصادر حول الجوع والفقر والفساد المالي والإداري والأخلاقي والقهر وقلة الحيلة التي يعانيه وطني و انسان و طني و مقيم وطني فيتوجع قلبي على الوطن وتجعلني أخباره أسيرة الدعوات الدائمة بأن يذهب الله الغمة عن هذه الامة، وبعد مشاهدتي للفيديو ولوهلة استشعرت وطني يعيش حالة ترف و “قمرة و ربيع” و لا ينقصه الا صورة مع جلالة الملك وزيارة لمكان عيشه.
يكشف الفيديو السيناريو المضحك الذي ينتهجه المسؤولون في بلدي في تقديم أفكار معينة من خلال ثلة معينة لجلالة الملك بهدف إخفاء قصورهم وحقيقة واقع مؤسساتهم أحيانا وأحيانا أخرى لإيصال أمور بعينها لجلالته والنأي به بعيدا عن اوجاع الناس الحقيقية، في زيارات جلالته المتكررة ولقاءه مع الناس هناك قوى معروفة تنتقي مجالسي جلالته ومحدثيه وفي أحيانا كثيرا الاملاء عليهم ما يقولون وما يطلبون، لتصوير مؤسسات الدولة وأبناء الشعب بغير الحال الذي يمثل العموم.
اختزال اوجاع الوطن بصورة سيلفي وزيارة لقصر الملك ليست هي مطالب الشعب و لا هي طموحات الشباب، و لا هي الأهداف التي يتوقعها جلالته من جلسة مع بناة المستقبل، و لا هي بلائقة بسيد البلاد، الذي لم يترك ارتباطاته ومهامه الاقتصادية و السياسية و العسكرية، ليأخذ صورة مع طالبة او يمنحها موعدا لمشاهدة جدران و لوحات قصره، هذا تقزيم واضح لمغزى جلالته من الالتقاء بالشباب و الاستماع للشعب، ولا الوم الطالبة اطلاقا فبدافع الحب طلبت ما طلبت و ان دلت طلباتها تلك على ضحالة في تفكير شبابنا وسذاجة في الطرح والذي ما هو الا نتيجة حتمية لسياسات التجهيل و التسخيف التي تنتهجها كثير من مؤسسات الدولة و لربما على رأسها وسائل الاعلام التي جعلت من طلبات كهذه عنوانا عريضا لكثير من المواقع الإخبارية و ما كان في الطلبات أي دور بطولي او ثوري سيقوده شباب الأردن لتخضير المستقبل و انارة الطريق للأمل الحلم في قادم الأيام.

والله من وراء القصد

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى