شيوخ السلاطين والشيوخ الآخرين / محمد نغوي

شيوخ السلاطين والشيوخ الآخرين

ان من يبحث عن معنى مصطلح شيوخ السلاطين، سيجد كلاماً عاماً مرتبطاً بالأساس بمعارضة مواقف سياسية، فكل من لا يروق له موقف أحد الشيوخ من دولة ما أو قيادة ما، يطلق على ذلك الشيخ وصف شيوخ السلاطين، أي أن هذا الوصف لا علاقة له، لا بشأن ديني أو شرعي أو علمي أو اجتماعي أو اقتصادي أو أي شأن آخر من شؤون الحياة، وإنما هو حصراً يتعلق بالشأن السياسي، والذين يستخدمون هذا الوصف لا ينظرون إلى مكانة هذا العالم الدينية، ويتعمدون غض الطرف عن عطاءه الفكري وإسهاماته العلمية في المجالات الدينية والشرعية، ومؤلفاته طوال حياته مهما بلغت، على الرغم من أن كثير منهم له مؤلفات تعتبر مراجع لطلبة العلم الشرعي في العديد من الجامعات، ويختزلون كل هذا، لا بل ويحقرونه بسبب فتوى أصدرها لم ترق لهم، لأن هؤلاء يرون بأنها تصب في مصلحة دولة أو حاكم، هم أصلاً يتخذون مواقف سياسية مسبقة معارضة لها وله، ولا تصب في مصلحة الجهة أو الجماعة التي ينتمون إليها، وهنا أتسائل، هل “الشيوخ الآخرين” أفضل من “شيوخ السلاطين” ؟ وهل من المصلحة “الإسلامية” اليوم تنفير الناس من هؤلاء الشيوخ ؟ أليس من أسباب الفوضى العارمة التي تجتاح الفتاوى اليوم هو لجوء الناس إلى “الشيوخ الأخرين” ؟ والمصائب والمآسي التي تعاني منها الأمة الإسلامية اليوم، هل هي بسبب فتاوى “شيوخ السلاطين”، أم بسبب فتاوى “الشيوخ الآخرين”؟
ولكن ندرك أكثر الفرق بين من يطلق عليهم البعض “شيوخ السلاطين” وهم في الغالب شيوخ الدولة من كبار العلماء، وبين “الشيوخ الآخرين” لنطلع على المقارنة التالية:
“شيوخ السلاطين” هم شيوخ حاصلون على مؤهلات علمية شرعية لازمة، بينما “الشيوخ الآخرين” أغلبهم لا تُعرف ما هي مؤهلاتهم العلمية الشرعية.
“شيوخ السلاطين” مؤهلاتهم العلمية الشرعية صادرة عن مؤسسات علمية معروفة ومعترف بها، بينما “الشيوخ الآخرين” شهادات أغلبهم لا يعرف لها مصدر.
“شيوخ السلاطين” ما يصدرونه من فتاوى يتحملون مسؤوليتها، بينما ” الشيوخ الآخرين” فتاواهم لا يتحملون مسؤوليتها.
“شيوخ السلاطين” فتاواهم تصدر بعد عرضها على مجالس الافتاء ومناقشتها مع أهل الاختصاص، بينما “الشيوخ الآخرين” فتاواهم تصدر بصفة شخصية دون عرضها أو مناقشتها مع أحد من أهل الاختصاص.
“شيوخ السلاطين” يعملون تحت اطار القوانين المرعية ويحاسبون على أفعالهم بناء عليها، بينما “الشيوخ الآخرين” لا يعملون تحت أي إطار قانوني وبالتالي لا مجال لمحاسبتهم على أفعالهم.
“شيوخ السلاطين” لا يصدر عنهم فتاوى تكفيرية أو تدعو إلى القتل وسفك الدماء، بينما “الشيوخ الآخرين” يسهل عليهم اصدار الفتاوى التكفيرية وفتاوى القتل وسفك الدماء.
“شيوخ السلاطين” تدرجوا في المناصب عبر السنين إلى أن وصلوا إلى ما وصلوا إليه فأكتسبوا الخبرة والدراية الواسعة في أمور الافتاء واحكامه، بينما “الشيوخ الآخرين” يفتقرون إلى الدراية في أمور الافتاء واحكامه نتيجة قلة خبرتهم.
“شيوخ السلاطين” أغلبهم كبار في السن أمضوا عشرات السنين من أعمارهم في مجال العلوم الشرعية، بينما “الشيوخ الآخرين” أغلبهم صغار في السن لم يمضي عليهم فترة زمنية كافية في مجال العلوم الشرعية.
“شيوخ السلاطين” متفرغون لعملهم الشرعي ويعطون له جل أوقاتهم كون أن الدولة وفرت له دخولاً شهرية، بينما “الشيوخ الآخرين” غير متفرغين للأمور الشرعية لأنهم يسعون إلى اكتساب قوت يومهم.
“شيوخ السلاطين” تمنحهم الدولة الامتيازات والحوافز بصورة مستمرة، حتى لا يقعوا تحت ضغط المغريات من قبل أحد، وحتى لا يحيدوا عن طريق الحق والصواب فيما يصدرون من فتاوى، بينما “الشيوخ الآخرين” معرضوا للوقوع تحت تأثير المغريات الكثيرةـ والمحاباة فيما يصدر عنهم من فتاوى نتيجة الحاجة المادية.
“شيوخ السلاطين” لا يتعصبون لرأي شرعي بعينه، لأنهم يراعون الاختلافات بين المذاهب الاسلامية ويلتمسون الأعذار لمن يخالفونهم بالرأي، بينما “الشيوخ الآخرين” في الأغلب متعصبون لآرائهم الشرعية ومخطئون لآراء غيرهم، نتيجة عدم مراعاتهم للاختلافات بين المذاهب.
ختاماً فإن “شيوخ السلاطين” ينظرون للأمور من زاوية المصلحة الوطنية العامة والواسعة، بينما “الشيوخ الآخرين” ينظرون للأمور من زاوية ضيقة ومحدودة ترتبط بمصلحة الجماعة التي ينتمون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫7 تعليقات

  1. ياكاتب المقال كفاك دفاعا عن هاؤلاء المرتزقة المضللين الكاذبين اللذين جعلو الدين بضاعة يتاجرون بها أحدهم في الأردن عندما قررت الحكومة الفاسدة الظالمة زيادة الضرائب على الناس في أسعار الملابس صاح على المنبر إلبسو لباس التقوى مادامك معجب بهم إلبس إنت وأهلك لباس التقوى وإنزلو به للشارع تنفيذا لفتوى شيوخ السلاطين الجهابذة العلماء كما تتقول

  2. اولا”: اننا لا نقصد بالشيوخ الاخرين اولئك الجهله في الدين

    شيوخ السلاطين هم من باعوا اخرتهم لدنيا غيرهم. هم من زيتوا للحاكم الظالم ظلمه و فساده . هم من توّقد بهم النار يوم القيامه

    ماذا تقول بمن يشبّه المجرمين ………………………………………………ماذا تقول بمن افتى بحرب الخليج.

  3. بصراحة هذا المقال كتب بطريقة موضوعية جعلتي أرى الأشياء بطريقة جديدة وهو حقيقي لانني انا شخصيا شاهدت الكثير من الشيوخ المعتبرين المشهود لهم بالعلم الشرعي ولكن عندما ابدوا وجهة نظر لم تعجب بعض اصحاب المواقف السياسة تم رميهم بوصف شيوخ السلاطين وكما تفضل الاستاذ الكاتب فاستعمال كلمة شيوخ السلاطين لم يتربط باي شيء سوى بالامور السياسية وفي هذا عبرة وهي ان يبتعد الشيوخ عن السياسة

  4. السلام عليكم
    شيوخ السلاطين … هم من يقبض المال على فتاويهم و بالتالي لا تكون نظرتهم مجردة للأمور، بل يتأثرون بمن يعطيهم المال.

    الشيوخ الآخرين … كما عرفتهم المقالة بأنهم جهلة .. متخلفين .. يستسهلون الحديث في الدين و الفتوى بغيرعلم و هذا الشكل أيضاً مرفوض.

    أما الصنف الثالث و الذي لم تتعرض له المقالة، فهو العلماء المسلمين … هم العلماء الكبار الأفاضل أصحاب العمل و الدراية و الفهم العميق و النظر إلى الأمور بتجرد و عدم محابة أو التأثر برأي أي أحد … إبحث في التاريخ الإسلامي و ستجدهم موجودون في كل العصور التي كان فيها قوة و بخير … هؤلاء من نحتاج و بهم تصلح الأمور … أسأل الله تعالى أن يرزقنا العلماء المخلصين المدافعين عن هذه الأمة و هذا الدين.

    ملاحظة أخيرة: واضح أن كاتب المقال ينشر وجهة نظرته الضيقة البعيدة عن تاريخنا الكبير.

  5. شيوخ السلاطين فتاويهم جاهزة تحت الطلب بمجرد أن تأتيهم الأوامر .شيوخ السلاطين يحلوا الحرام ويحرموا الحلال , شيوخ السلاطين يتعمدون قول نصف الحقيقة ليغيروا معنى النصوص فيستشهدون بالحق ليثبتوا به الباطل , في السلام مع اليهود استشهدوا بالآية “وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ” وتجاهلوا “وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم “, شيوخ السلاطين حالهم كحال من يقرأ ” فويل للمصلين ” ويسكت أو “لا تقربوا الصلاة” ولا يكمل الآية …اتق الله وكفاك تزلفا فالشمس لا تغطى بغربال .

  6. ربما… يوجد في هذا المقال شيء يظهر أنه حق… ولكنه كله باطل.. مبني على باطل..
    الشهادات والكراتين لا علاقة لها بالتقوى
    المناصب لناس وناس
    طيلة التاريخ العلماء المخلصين يهربون من المناصب
    اذا كنت تعتبر أن شيوخ السلاطين لهم مرجعية وقوانين.. فهذه قوانين وضعية.. ولكن شيوخ الحق فلهم مرجعيات حقيقية

  7. (فهذه قوانين وضعية.. ولكن شيوخ الحق فلهم مرجعيات حقيقية) . . حبذا لو توضح هذه المرجعيات الحقيقية . .وهل معها شهادات وكراتين أم تخرجوا في كهوف تورابورا . .

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى