من دفاتر معلمة / خلود المومني

من دفاتر معلمة

( فيروز السبب! !!!! )

قصتي اليوم مختلفة. …عن معلمة استثنائية. ….هي من النوع الذي تنثر السكر على وجع الأيام. ….ترسم الضحكة وسط سيل دموع. …تملأ الكون أملا تنتزعه انتزاعا من سحيق اليأس. …تتوهج نورا كنجمة وسط غياهب الظلمة. ..إنها استثنائية.
عندما عينت في تلك القرية السحيقة في القدم. .. القابعة في جوف الصحراء على حدود الأردن مع السعودية. ..جاءت بعدي بأيام قليلة. ..استأنست بتلك الابتسامة والروح العذبة. ..تشاركنا نفس السكن الذي يربض في ساحة المدرسة وداخل أسوارها. …ترافقها زميلة لاتقل عنها عذوبة ولطفا ورقيا. ..تخصصها علوم. ..والأخرى رياضيات. …وأنا لغة عربية. ..وزميلة رابعة عشنا في ذلك السكن. …أهم ما في الموضوع أنها مثلي تعشق سماع فيروز بعد الفجر مباشرة. ..ساعة فيروزية تملأنا حماسا وننطلق بعدها.
كان هناك أربع طالبات فقط في الصف الأول ثانوي. ..وهو آخر صف في المدرسة. ..بعدها يتوقف التعليم بالنسبة للفتيات ويقبعن في المنزل ينتظرن ابن الحلال الذي في الغالب تكون الفتاة زوجته الثالثة أو الرابعة.
ولم يعجبها الحال. …تناقشنا طوال ليلة في الحل. . .ثم انطلقنا بناء على مخططها إلى رئيس البلدية والأهالي. …يوميا. ..وبعد ساعات الدوام. …زيارات لكل ولي أمر نطلب منهم أن يطالبوا بشدة بفتح صف توجيهي للبنات. …وعلى الرغم من يأس الطالبات انه لا فائدة ما دمن لن يسمح لهن بالخروج إلى الجامعة. .اقنعتهن انه اكملن أولا التوجيهي ولكل حادث حديث.
وتم فتح الصف بعد بدء الدوام بما يقارب الشهرين. …عدن إلى المدرسة. ..متأخرات في المنهاج ولا يوجد معلمات. . فتح الصف ولم ترسل إليه معلمات بما يعني ( دبروا حالكوا ) .
ووضعت هي الخطة. .. والبرنامج الانقاذي. .تعود الطالبات إلى السكن بعد الدوام. ….تتوكل هي بمادة العلوم. ….والأخرى بالرياضيات. ..وأنا باللغة العربية والدين. …والانجليزي ليس حكرا على أحد جميعنا تشاركنا فيه وباقي المواد. ..وقطعنا ما تأخر عليهن بتميز. . ثم راجعنا. وراجعنا. .وتم الاستعداد قبل موعد الامتحان. .. فقد كانت هناك ساعة تستقبل الفجر مع أنغام فيروز التي عشقنها الطالبات كما عشقناها. …وكانت فيروز تشجعهن على المجيء بعد موعد الصلاة مباشرة. .. .لم يجرب معلم ابدا طبعا ان يشرح حصة على أنغام فيروز! !! جربوا !!.
وجاءت النتائج. ..نسبة النجاح 75% الطالبة الراسبة بالانجليزي فقط. ..نجحت فيه فيما بعد. …..وكما فعلت في أمر فتح الصف. ..فعلت بالمثل في إقناعهم بموضوع الجامعة. ..إحدى الطالبات كانت الأولى على محافظة العقبة في الفرع الأدبي. ……وتخرجن من الجامعة. …وعدن معلمات في قريتهن. ووظائف أخرى.
صديقتي بقيت في تلك المدرسة وفازت فيما بعد بجائزة الملكة رانيا للتميز. ..وكانت تستحقها وأكثر.
أليس من الغريب أن يصبحن أولئك الطالبات متقاعدات الآن. .. وأنا وصديقتي ما زلنا على رأس العمل الذي عشقناه دوما! !!؟؟؟؟.
أتساءل. …ترى هل كانت فيروز السبب في نجاحهن؟ ؟!!

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى