الأصوات المرتفعة / موسى العدوان

الأصوات المرتفعة

الصديقات والأصدقاء الأعزاء:

وعدتكم في مقالي السابق بعنوان ” العيش بسلام مع القطيع ” أنني سأكتب عن تغريبة بني هلال وعن عالم الحشرات والحيوان، وذلك تمشيا مع قانون الجرائم الإلكترونية الذي ستفرضه حكومة الدكتور هاني الملقي هذه الأيام. ولكنني لم أجد هدفي الأول حتى الآن، بل وجدت في مكتبتي المتواضعة، بعض الكتب التي تتناول الهدف الثاني، وسأبدأ اليوم باقتباس هذه القصة القصيرة والمفيدة.

يقول الكاتب المصري أدهم الشرقاوي في كتابه أحاديث المساء ما يلي : ” قررت مجموعة من الضفادع أن تقيم مسابقة فيما بينها، وكانت المسابقة تقضي أن الضفدع الذي يتسلق البرج يكون هو الضفدع الفاائز. تجمعت الحشود في اليوم التالي وعلت أصوات الضفادع قائلة : مستحيل أن يستطيع أحد تسلق هذا البرج.

بدأ السباق وأخذت الضفادع تتسلق البرج والجمهور يصرخ : مستحيل . . لن ينجح أحد. وأخذت الضفادع تتساقط واحدا تلو الآخر، بعضهم يسقط من التعب، وبعضهم الآخر يسقط لما يصيبه من الإحباط من أصوات الجمهور. وعندما سقطت كل الضفادع ما عدا واحدا بقي يتسلق بهمة ونشاط، كانت الأصوات تعلو أكثر فأكثر: مستحيل أن يصل إلى القمة . . !

ولكن الضفدع تابع تسلقه بخفة ورشاقة إلى أن وصل. وعندما نزل سأله الجميع: كيف استطعت الوصول إلى القمة ؟ فكانت دهشتهم عظيمة عندما اكتشفوا أن الضفدع الفائز كان أصما . . ! “.

* * *
التعليق :

العبرة من هذه القصة . . أن الحياة مليئة بأصوات الإحباط، التي تمنع أو تؤخر تقدم العمل، فالأصوات العالية هي الأضعف أثرا. فعلى سبيل المثال، الدجاجة تضع بيضة واحدة، وتملأ الساحة نقيقا، فيعرف القريبون منها أنها وضعت بيضة. بينما النملة تجمع مؤونة شتاء كامل من الغذاء في مخزنها تحت الأرض دون ضجيج، ولا يعرف أحد ما فعلت.

وهكذا هم الناس : أعلاهم صوتا، أكثرهم فراغا وأقلهم عملا، والعبرة لمن اعتبر . . !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى