هل تم توريط الأردن بالديون ؟ / سلامة الدرعاوي

لا نستطيع أن نمر مرور الكرام على بيان صندوق النقد الدولي الأخير حول الاقتصاد الوطني، والذي حذر فيه الحكومة صراحة من تنامي خطر الديون التي باتت تشكل فعلا كابوسا حقيقيا يحيط بالاقتصاد الأردني، ويحد من جهود التنمية في المملكة.

السبب في ذلك هو التغير التدريجي والخطير في الخطاب الإعلامي لصندوق النقد الدولي تجاه الاردن ، فطالما كانت المؤسسة الدولية تتجاهل مسألة المديونية في السنوات الماضية، وتثني على الجهود الحكومية في مسألة ما يسمى معالجات الاختلالات في الموانة وإزالة الدعم الرسمي عن الكثير من السلع والخدمات، حيث كانت جيوب المواطنين وايرادات القطاع الخاص هي من دفع ثمن تلك المعالجات.

التشدد الإعلامي من الصندوق تجاه الاردن يأتي بعد وقت قصير من نجاح المملكة بإصدار سندات دولية بقيمة 500 مليون دولار بسعر فائدة مرتفعة جدا 6.23 بالمائة، قبلها كانت الادارة الامريكية كفلت ثلاث سندات يوروبوند للاردن بقيمة اجمالية تجاوزت الـ3.25 مليار دولار.

الأمر لم يقتصر عند هذا الدعم الامريكي في تسهيل قروض الاردن بضمانته، بل امتد الدعم الى توظيف القوة التصويتية الامريكية لدى صندوق النقد الدولي في تسهيل ابرام الاردن لاتفاق تسهيلات ائتماني بقيمة ملياري دولار.

مقالات ذات صلة

قدرة المملكة في السنوات الماضية عامة، والاشهر الاخيرة خاصة في الحصول على قروض لم يكن نتيجة لاسباب اقتصادية بحتة كما يعتقد البعض، في الحقيقة ان هذا الدعم كان مدعوما بعوامل سياسية بحتة لها ارتباطات كبيرة بمواقف الاردن بمختلف القضايا والاحداث في منطقة الشرق الاوسط.

الدليل على ذلك ان اتفاق الاردن مع الصندوق الذي قارب على الانتهاء لم يعالج المسائل الاساسية التي يعاني منها الاقتصاد الاردني، وانما ركز على توفير قروض ميسرة للخزينة تحت مسميات مختلفة، في المقابل تراجع النمو الاقتصادي الى ما دون توقعات الحكومة وبلغ في النصف الاول 2.4 بالمائة بدلا من 4 بالمائة مثلما كان مقدرا.

في جانب المديونية قفز الدين العام بشقيه الداخلي والخارجي الى اكثر من 21.9 مليار دينار؛ وهو مستوى خطير تجاوز ال83 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، وتكمن الخطورة ايضا في ان الحكومة حصلت كذلك على كم كبير من المنح يغطي معظم نفقاتها الرأسمالية في الموازنات الثلاث الاخيرة، ومع ذلك لم تخف حدة هلع الحكومات نحو الاقتراض، بل استمر ذات النهج بوسائل مختلفة، وبدعم سياسي عالي المستوى، خصوصا من الولايات المتحدة الامريكية.

التخوف الرئيسي مع تغير الخطاب الاعلامي لصندوق النقد الدولي تجاه الاردن والتشدد معه في قضية المديونية هو ان يكون هناك شيء مخفي بالكواليس الدولية عامة والامريكة خاصة تجاه المملكة، والضغط عليها لتغيير مواقفها حسب متطلبات ومصالح تلك الدول، وقد تكون ورقة الدين هي الورقة الاكثر حساسية بالنسبة للاردن في المستقبل القريب، فهل نشهد تطورات دراماتيكية في هذا الملف؟

salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى