ذكرى الإسراء والمعراج….د.منتصر بركات الزعبي

يحتفي المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بذكرى عزيزة على قلوبنا جميعا ومناسبة جليلة تفرض علينا أن نتذكر قضية المسلمين الأولى في هذا العصر قضية القدس خاصة وفلسطين عامة ألا وهي ذكرى الإسراء والمعراج. وجدير بنا نحن أمة الإسلام أن لا ننسى هذه القضية وأن يتمحور حولها جهدنا وتصميمنا وسعينا المشترك لإنقاذ الأقصى والقدس. الإسراء والمعراج يدلنا على الرباط الوثيق بين المسجد الأقصى والمسجد الحرام وأن كلا منهما يمثل قدسية معينة . من أجل هذا أصبحت القدس العاصمة الدينية الثانية في الإسلام ليشعر المسلم أن لكلا المسجدين قدسية فالمسجد الحرام ابتداء الإسراء والمسجد الأقصى منتهاه فمن فرط في المسجد الأقصى يوشك أن يفرط في المسجد الحرام فمن فرط في منتهى الإسراء يمكن أن يفرط في مبتدأ الإسراء . إنَّ لِمسرى ومعراج الحبيب محمد – صلى الله عليه وسلم – والقدس طريقًا واحدًا ، لن تصل الأمة إليه إلا من خلاله ، ولو عاشت آلاف السنين ، هذا الطريق الذي سلكه الصحابة الأخيار– رضي الله عنهم- عند فتحهم للقدس ،وهو الطريق الذي سلكه مولانا صلاح الدين الأيوبي – رحمه الله – الذي جمع الغبار من معاركه ، وأوصى أن تكون وسادة له في قبره ، حتى إذا ما حُوسب قال للملائكة : هذا الغبار كان في سبيل الله !! وصلَ مولانا صلاح الدين الأيوبي – رحمه الله – نبأً مفاده : أن القائد الفرنجي ” أرناط ” حاكم الكرك ، يقطع الطريق على حجاج بيت الله الحرام ، فيقتل النساء والأطفال والشيوخ ، وهو يقول لهم : قولوا لمحمدكم أن يدافع عنكم ، اطلبوا منه أن يغيثكم ويخلصكم . واستطاع رجل من المسلمين ، أن ينجوَ بنفسه ، ويذهبَ إلى صلاح الدين ويخبرَه بما حدث . فماذا كان موقفه ؟ اعتزل في بيته ، وأخذ يبكي بكاء الثكلى على وحيدها يومين كاملين ، وهو يقول :” يا ربِّ يا ربِّ ، هل تسمح لي أن أنوب عن رسولك محمد – صلى الله عليه وسلم – في الدفاع عن أمتك ؟ وما زال يكررها حتى اليوم التالي ، ثم أعدَّ جندَه ،وقام فيهم خطيبًا ،وكان مما قال :” يا جندَ محمدٍ – صلى الله عليه وسلم – إنَّ أرناط حاكمُ الكرك ، قد علا وتجبَّر في الأرض ، وقتلَ حُجَّاجُ بيت الله الحرام ، وسفك دماء الأطفال ، والنساء ، وهو يقول :” قولوا لِمُحمَّدِكم أن يدافع عنكم “، وأنا وهبت نفسي ، وروحي لأنوبَ عن سيدي رسول الله محمد – صلى الله عليه وسلم – في الدفاع عن أمته ، ولأقصَّ رقبتَه ، فمن أراد الذهاب معي ؟ فليلحقني ، فقال الجندُ كلُهم أجمعون وبصوتٍ واحدٍ : كلُّنا فداءٌ لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعندما دارت رحى المعركة – معركة حطين – وانتصر فيها مولانا صلاح الدين – رحمه الله – وأسر أرناط قال له صلاح الدين : أنت الذي كنت تقول لمن كنت تقتل من حجاج بيت الله الحرام : “قولوا لمحمدكم أن يدافع عنكم ؟ قال : نعم فأجابه صلاح الدين : وأنا العبد الفقير إلى الله الذي تراه أمامك ، قد ناب عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الدفاع عن أمته وقصِّ رأسك ، ثم قام وقصَّ رأسه ، ثم سجد لله ، وقبَّل الأرضَ شكرًا لله على هذا الانتصار !! رجل ما كان مستكبرا ، ولا كذابا ، ولا مدعيا ، وعند نهاية حروبه مع الفرنجة ، قال قولته المشهورة : { لن يعودوا لفلسطين ما دمنا رجالا } . أقول لك يا صلاح الدين : ” عُذرا وألفَ عذرٍ ، لقد خذلناك ، لست كما وصفتنا ، ولهذا عادوا ، وهاهم في فلسطين يسرحون ويمرحون ، ويهنئون ، ولا يهمهم الملايين من أمتنا ، فأنت ورجالك الواحد منكم بألف ، ونحن بعد أن أضعنا الصلاة ، واتبعنا الشهوات ، صار الألف منا بأف . واخجلي يا صلاح الدين بل ويا عيباه حرَّرْت القدسَ فضيعناه ، ورفعتَ الرأسَ فنكسناه وبك اعتزَّ التاريخُ وتاه ، وبنا دمعتْ عيْناه واخجلي يا صلاحَ الدين بل ويا عيباه علَّمتَ العالمَ أنَّ المُسْلِمَ لا يخشى إلا الله أمَّا نحنُ فعلَّمنَاهُ أنَّ المُسلِم يخشى كلَّ الدنيا إلا الله وااخجلي يا صلاح الدين بل ويا عيباه المسجد الأقصى يئن حزينا كئيبا أسيرا يشكو إلى الله تخاذلنا وتآمرنا وظلمنا له ،المسجد الأقصى ينادينا يستصرخنا يقول :تنتهك حرماتي وأدنس صباح مساء بأحفاد القردة والخنازير أبناء الأفاعي وهاهو “النتن ياهو” يستبيحني ويقتل المصلين في باحاتي وهو يقول : قل لمحمدك أن يدافع عنك وعنهم . فهل نجد في الأمة من يهب نفسه وروحه في الدفاع عن الأقصى والقدس ويقص رقبة ذلك المتنمر اللعين “النتن ياهو” كما فعل صلاح الدين ؟ فهل من صلاح بيننا وبين الله ليمدنا بصلاح ؟. يا قدس معذرة ومثلي ليس يعتذر ما لي يد في ما جري فالأمر ما أمروا وأنا ضعيف ليس لي أثر عار علي السمع والبصر وأنا بسيف الحرف أنتحر وأنا اللهيب .. وقادتي المطر

د.منتصر بركات الزعبي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى