مـهـابة الـنـقـابـة / د . ناصر نايف البزور

مـهـابة الـنـقـابـة
لا يخفى على ذي بصيرة وإطّلاع أنَّ نُواة تأسيس النقابات يعود إلى الأزمنة الغابرة. فقد اعتادت الشعوب منذ بداية البسيطة قبل ملايين السنين للصيد في جماعات لتسهيل، وتوزيع وتعزيز المهام والعمل كفريق واحد!

ثمَّ تطورت البشرية في تنظيم العمل الجماعي والمؤسَّسي عبر وحدات اجتماعية، واقتصادية وسياسية من خلال فريق العشيرة والقبيلة؛ فتقدّمت البشرية على صُعِدٍ شتّى! ولمَّا زادت تعقيدات الحياة المدنية، تطوّرت فكرة العمل التنظيمي الجماعي عبر مؤسسات واتحادات ونقابات تجارية، واجتماعية، وصناعية وفكرية!

ويمكنُ تاصيل ذلك شرعاً أيضاً من خلال ما ذكره الله في عُلاه في مُحكَم التنزيل: “وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا”! ولقد كان للنقابات والاتحادات دور محوري فاعل في نهضة آوروبا في عصر النهضة منذ خمسة قرون وما تلا عصر النهضة من ازدهار وتقدُّم تلك الشعوب حتّى يومنا هذا!

وفي المقابل، كان لغياب العمل الجماعي والمؤسسي من خلال الأحزاب السياسية والنقابات المهنية الدور الرئيس في تخلُّف شعوب المنطقة! وبالرغم من تأخُّر العمل النقابي في بلادنا إلاّ أنَّ المهن التي انتظمت بالعمل النقابي في بلادنا قد حققت الكثير من التقدّم لتلك المهن على المستوى الكمِّي والنوعي؛ وهذا واضح بشكل لافت في بعض النقابات الناجحة كنقابة المهندسين ونقابة الأطباء وما لهما من مساهمات جادّة في الارتقاء بالمهنة والحفاظ على حقوق ومكتسبات منتسبيها!

مقالات ذات صلة

المفارقة العجيبة أنَّ آلاف أساتذة الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة، وهم أكثر الفئات تعليماً وتأهيلاً وقدرةً على وحاجةً إلى العمل النقابي،يُحرمون من أبسط الحقوق بتأسيس نقابة ترعى شؤونهم! فللمهندسين في الأردن نقابة؛ وللأطباء نقابة، وللمعلمين نقابة، ولأصحاب المخابز نقابة، ولأصحاب محطّات المحروقات نقابة، ولأصحاب معاصر الزيتون نقابة حتَّى كادَ المثليّون جنسياً في الأردن أن ينجحوا في تشكيل نقابة خاصة بهِم؛ فيما يطول ويطول مخاض نقابة أساتذة الجامعات وقد تكون نهاية هذا الحمل الإجهاض بعد طول انتظار، لا سَمَحَ الله، بسبب إصرار بعض الحكومات على اعاقة بلورة هذا المشروع تحت ذرائع كثيرة واهية مهابةً منها لدور النقابة! يا سادة، النقابة قادمة قادمة قادمة ولو كره المُعيقون ولو طالت السنون! واللهُ أعلَمُ وأحكَم!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى