ما هي تداعيات الانسحاب الأمريكي من سوريا ؟

سواليف – رصد
أثار القرار الأمريكي بالانسحاب من شرق سوريا، بعد وجود طويل ودعم كبير للمقاتلين الأكراد هناك، تساؤلات حول الطرف الذي سيسد الفراغ الذي سيخلفه الأمريكيون. وكانت القوات الأمريكية تمتلك وجودا في مختلف مناطق شرق الفرات.

وإلى جانب مناطق شرق الفرات، يعتبر الوجود الأمريكي الأبرز في قاعدة في منطقة التنف قرب الحدود العراقية الأردنية السورية.

وقال البيت الأبيض الأربعاء إن أمريكا “بدأت إعادة قوات للوطن مع انتقالها للمرحلة التالية في هذه الحملة”، مضيفا أن “الانتصارات على تنظيم الدولة في سوريا لا تشير إلى نهاية التحالف العالمي أو حملته”.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز إن الولايات المتحدة “بدأت إعادة قوات من سوريا إلى الوطن مع انتقالها إلى مرحلة جديدة في الحملة ضد تنظيم الدولة”.

وفي أول تعليق له قال ترامب على “تويتر”: “لقد هزمنا تنظيم الدولة في سوريا وكان ذلك السبب الوحيد لوجود قواتنا هناك خلال فترة رئاستي”.

الخبير بالشؤون الروسية تيمور دويدار، أوضح في حديث مع “عربي21” أن الوجود الأمريكي في سوريا كان رمزيا لا أكثر، وإن أغلب العمليات هناك كانت تتم من قواعد مجاورة، أو باستخدام الطيران.

ولفت إلى أن الانسحاب العسكري لن يترك فراغا على الأرض وكان متوقعا منذ العام الماضي، إذ أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وعد سابقا.

ولفت أن القوات الكردية المقاتلة الآن بين طرفين، تركيا والنظام السوري، متوقعا أن يقوم المقاتلون الأكراد بالتوجه نحو الحوار مع النظام السوري والخروج باتفاق إيجابي.

وتوقع دويدار أن الأزمة السورية في طريقها إلى الحل قريبا، وإن على المجتمع الدولي دعم جميع الأطراف في سوريا من أجل إعادة بناء البلاد.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تكون طرفا في إعادة الإعمار، وإن على دول الجوار الاضطلاع بهذا الدور، خصوصا تركيا والدول العربية.

وعمّا إذا كان الانسحاب الأمريكي سيسرع من وتيرة العملية العسكرية التركية المرتقبة في الأراضي السورية، قال دويدار إن المنطقة ليست بحاجة إلى مزيد من الاشتعال والدماء.

وفي أول رد من الحليف الذي سيكون الأكثر تأثر من الانسحاب الأمريكي، عبرت “قوات سوريا الديمقراطية” عن غضبها من القرار الأمريكي بسحب قواتها من سوريا.

ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن “مصادر قيادية” قولها إن “انسحاب القوات الأمريكية في حال جرى، سيعد خنجرا في ظهر قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردية”.

مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، الدكتور أحمد أويصال، أشار في حديث لـ”عربي21″ بأن الانسحاب الأمريكي قد لا يكون حتميا، وربما يكون الهدف من الإعلان هو مزيد من الابتزاز في المنطقة، بعد أن أعلن سابقا أن الوجود الأمريكي في سوريا مكلف ويجب أن يكون هنالك تمويل من أجل بقائه.

وتوقع أويصال أن لا يكون الانسحاب كاملا، وربما يكون مرتبا مع عدد من الأطراف باتفاقيات، من أجل تأمين بعض المكاسب للأكراد هناك وتأمين بعض حقوقهم.

وعن البديل للوجود الأمريكي في الشرق السوري، توقع أويصال أن يكون هنالك مجموعة من القوى ستتقاسم السيطرة في المنطقة؛ هي إيران، والنظام السوري، وتركيا.

وأشار إلى أن تركيا ترى أن العمليات هناك هي لاعتبارات الأمن القومي التركي، فيما ستكون الحكومة السورية حاضرة هناك أيضا باتفاقات مع الأكراد الذين توقع أن يتقربوا من نظام الأسد أكثر وعقد تفاهمات.

وعن الوجود الإيراني قال أويصال إن المليشيات الإيرانية ربما تدخل هناك لسد الفراغ.

وتوقع أن يتنازل المقاتلون الأكراد في سوريا عن بعض مطالبهم مقال الاتفاق مع النظام، والوصول لحلول وسط، مؤكدا أن الانسحاب الأمريكي إن تم فسيكون طعنة للأكراد وسيشكل خيبة أمل لديهم.

دوليا، رحبت روسيا بالقرار الأمريكية، واعتبرت أن الخطوة “ستفتح آفاقا للتسوية السياسية في هذا البلد”.

وأعربت المتحدثة الوزارة، ماريا زاخاروفا، عن “قناعة موسكو بأن القرار الأمريكي بسحب القوات سيؤثر إيجابا على تشكيل اللجنة الدستورية السورية وعلى الوضع في منطقة التنف الحدودية بين سوريا والأردن”.

من جانب آخر، رفضت بريطانيا القرار، وقالت على لسان قال وزير الدولة بوزارة الدفاع توبياس إلوود إنها لا تتفق مع الرئيس الأمريكي بشأن هزيمة تنظيم الدولة في سوريا.

فيما سارعت الصحافة الإسرائيلية إلى التعليق على القرار الأمريكي بالانسحاب من سوريا، باعتباره خبرا سيئا لإسرائيل، لعدة اعتبارات سياسية وعسكرية.

فقد ذكر رون بن يشاي، الخبير العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، أن “القرار الأمريكي يعني تقديم هدية لروسيا وإيران في سوريا، ومفاده أن يترك حلفاء الولايات المتحدة يواجهون مصيرهم بأنفسهم، لا سيما الأكراد، والتسهيل على الإيرانيين مهمة إقامة قواعد عسكرية لهم داخل الأراضي السورية”.

وأضاف أن “إسرائيل تنظر لهذه الخطوة الأمريكية بكثير من السلبية؛ لأن استمرار الوجود الأمريكي يعمل على كبح جماح الوجود العسكري لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والمليشيات الشيعية في سوريا، وسيعدّ هذا القرار كما لو أن الولايات المتحدة لا تنظر بعين الحرص على مصالح حلفائها في الشرق الأوسط، والأمر لا يقتصر على إسرائيل والأردن فقط، وإنما كذلك على السعودية”.

وأوضح أن “الانسحاب الأمريكي من سوريا سيجعل قاسم سليماني يشعر بكثير من السعادة، ويبلغ قائده خامنئي أن عقبة كبيرة أزيلت من أمامه لبقاء قواته في سوريا من أجل أن يفتح جبهة قتالية جديدة ضد إسرائيل، مع العلم أن تنظيم الدولة الإسلامية ما زال قائما وموجودا في سوريا والعراق، ورغم ذلك أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قراره بإخراج قواته من سوريا، مع العلم أنه سعى للقيام بهذه الخطوة منذ زمن طويل، لكن وزير دفاعه ماتيس منعه من ذلك”.

وأكد أن “الانسحاب الأمريكي من سوريا سيجعل الحلفاء الأكراد يشعرون بخيانة الأمريكان، وزيادة حجم الفوضى في شرق البحر المتوسط، مع العلم أن قرار ترامب بالانسحاب من سوريا جاء لأسباب اقتصادية، دون أن يوضح ما المقصود بعبارة “إعادة انتشار قواته”.

وختم بالقول إن “خيارات واشنطن بعد انسحاب قواتها من سوريا ستتراوح بين نقل مستشاريها العسكريين من سوريا إلى الأردن، أو تكتفي بأولئك المقيمين في العراق من أجل استكمال محاربة تنظيم الدولة، وربما تذهب لخيار تفعيل قواتها الجوية من سفن الأسطول السادس المنتشر في البحر المتوسط، لكن كل ذلك ما زال محاطا بكثير من الضبابية وعدم الوضوح، المهم أنه على كل الأحوال نحن أمام أخبار غير سارة”.

صحيفة “إسرائيل اليوم” نقلت عن وزير إسرائيلي كبير، أخفى هويته، قوله إن “الانسحاب الأمريكي من سوريا هو بمنزلة تضييع فرصة تاريخية، ولذلك لا تنظر لها إسرائيل بكثير من الترحيب، رغم أنه لن يترك تغييرا سلبيا على عمليات الجيش الإسرائيلي في سوريا، أو تقليص الهجمات التي يواصل تنفيذها داخل الأراضي السورية، وهي المستمرة في هذه الأيام”.
عربي 21

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى