رحيل بشير السباعي المترجم … سيرة حياة

سواليف _ “سأم باريس” لبودلير، “استعمار مصر” لتيموثي ميتشل، “مسألة فلسطين” لهنري لورنس، “فتح أميركا.. مسألة الآخر” لتزفيتان تودوروف، هذه بعض ترجمات من بين أكثر من سبعين كتاباً نقلها الشاعر والمترجم المصري بشير السباعي (1944-2019) الذي رحل عن عالمنا اليوم بعد عقود من الانهماك بالكتابة والثقافة والترجمة.

تمثّل هذه العناوين جوانب السباعي وانهماكاته التي توزّعت بين الشعر والسياسة والقضايا العربية والإنسانية ومواقفه منها، فليس غريباً على الشاعر أن ينتقي “سأم باريس” في وقت كان الشعراء العرب منشغلين بـ”أزهار الشر”، ذاهباً إلى تلك المجموعة التي كانت بعيدة عن أضواء شهرة بودلير، لينقلها بحساسية الشاعر الذي فيه.

انشغل السباعي لسنوات طويلة بنقل العمل الموسوعي عن قضية فلسطين، للمؤرخ الفرنسي هنري لورنس، بأجزائه الستة، ليس لأن هذا عمله كمترجم بل لأنها كانت طريقته في التعبير عن مواقفه وانتماءاته التي لم تتبدل كتبدل موقف مثقفين آخرين، فسخّر ترجماته عن الفرنسية والروسية لخدمة الأفكار التي يتبناها.

بل إن السباعي كان منهمكاً في أيامه الأخيرة بترجمة الجزء الثاني من كتاب “الأزمات الشرقية” لهنري لورنس، والذى صدر فى باريس في الشهر الماضي، وأعلن السباعي على الفور عن بدء ترجمته.

كان السباعي موهوباً في الترجمة؛ وهو صاحب فضل على القارئ العربي الذي لا بد أن يلتقي به من خلال كتاب على الأقل، فلم يضع السباعي جهده في تقديم كتب خفيفة أو مشهورة فقط، بل كانت خياراته متسقة مع قضايا أساسية، وهي: فلسطين، تاريخ مصر، النظريات والفلسفات السياسية.

كانت الفلسفة توجّهَه في مرحلة مبكرة، فقد تخرّج السباعي الشاب من قسم الدراسات الفلسفية والنفسية في جامعة القاهرة عام 1966، وله كتاب “مرايا الأنتلجنسيا” و”فوق الأرصفة المنسية”، ومن الشعر ترجم لكفافي وجويس منصور وبودلير.

من جهة أخرى، كرّس السباعي جزءاً كبيراً من عمله، باحثاً ومترجماً على خطى مؤرخ، يوثق لإرث الحركة السوريالية المصرية، وتناول علاقة مجموعة من أهم الأسماء فيها بالحركات اليسارية التي عرفتها مصر الأربعينيات، فأصدر في هذا الصدد كتاب “بلاء السديم، مختارات من أعمال كاتب سوريالي” ضم ترجماته لأعمال الشاعر السوريالي المصري جورج حنين (1914 ــ 1973).

حصل الراحل على جائزة أفضل المُلمّين بالروسية وآدابها من “المركز الثقافى السوفيتي” بالقاهرة (1971)، وجائزة “مؤسسة البحر المتوسط للكِتاب” (2007)، و”جائزة رفاعة الطهطاوي” من “المركز القومي للترجمة” (2010)، و”كافافي الدولية للترجمة” (2011).

من بين ترجماته الأخرى: “العربُ والمحرقةُ النازية، حربُ المرويّات العربيةُ – الإسرائيليةُ” لجيلبير أشقر، و”الإمبراطورية وأعداؤها، المسألة الإمبراطورية فى التاريخ” لهنري لورنس، و”حكمُ الخبراء، مصر، التكنو- سياسة، الحداثة” لتيموثي ميتشل، و”الفاشية: ما هي؟ كيف نهزمها؟” لليون تروتسكي، و”النظرية الماركسية فى الدولة” لإرنست ماندل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى