قراءة قانونية في قرار مجلس الوزراء بحل مجلس نقابة الأطباء وتشكيل لجنة بديلة عنه

قراءة قانونية في قرار مجلس الوزراء بحل مجلس نقابة الأطباء وتشكيل لجنة بديلة عنه
د. حازم سليمان توبات
كلية القانون/ جامعة جدارا

قام مجلس الوزراء بحل مجلس نقابة الاطباء وتشكيل لجنة برئاسة وزير الصحة وعضوية ثمانية من الاطباء المختصيين . وقد اعتمد مجلس الوزراء في قراره على نص المادة (75) من قانون نقابة الاطباء والتي تنص (يجوز لمجلس الوزراء بتنسيب من الوزير حل مجلس النقابة لمقتضيات الامن والسلامة العامة وتعيين لجنة مؤلفة من سبعة اشخاص على الاقل من ذوي الاختصاص ما امكن برئاسة الوزير تمارس كافة صلاحيات او مهام مجلس النقابة ويكون قرار مجلس الوزراء قطعياً غير قابل للطعن).
هذا القرار أظهر عيباً جوهرياً في هذا النص القانوني من حيث تعارض أحكام النص القانوني مع بعضها البعض وتعارضه كذلك مع المادة (16/2) من الدستور .
أولا: تعارض أحكام النص القانوني مع بعضها البعض:
1. المادة (75) من نقابة الأطباء أجازت لمجلس الوزراء حل مجلس النقابة ولكنها وضعت قيدأ على مجلس الوزراء عند ممارسة هذه الصلاحية , وتمثل هذا القيد بأن يكون قرار الحل مستندا الى سبب صحيح وقائم وقت الحل وغاية يهدف القرار الى تحقيقها وهي تحقيق الامن والسلامة العامة, بمعنى مقابل لو لم يقم مجلس الوزراء بحل مجلس النقابة لأدى ذلك الى الاخلال بالامن والسلامة العامة فجاء قرار الحل كضرورة ملحة لتحقيق الامن والسلامة العامة. وهذا القيد يعني انه اذا لم يكن قرار الحل لغاية تتطلبها مقتضيات الامن والسلامة العامة فإن قرار مجلس الوزراء في هذه الحالة يعتبر معيبا بعيب السبب والغاية مما يعني عدم مشروعيتة.
2. ان اشتراط القانون أن يهدف قرار حل المجلس لتحقيق مقتضيات الامن والسلامة العامة ووفقا للمنطق القانوني يعني وجوب حضوعه لرقابة القضاء الاداري والا لماذا اشترط القانون هذا الشرط ولم يترك الأمر على إطلاقه , حيث أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ماذا لو أن مجلس الوزراء قد تجاوز هذا هذا الهدف وقرر حل مجلس نقابة الاطباء لغاية أخرى ليس لها علاقة لا من قريب ولا من بعيد بمقتضيات الامن والسلامة العامة ألا يعني ذلك أن قرار مجلس الوزراء اصبح معيبا بعيب التعسف في استعمال السلطة مما يعني عدم مشروعيته وبطلانه وبالتالي وجوب خضوعه لرقابة القضاء الاداري. لكن ما جاء به عجز المادة (75) يتعارض مع هذا المنطق القانوني فحصن قرار حل مجلس نقابة الأطباء من الرقابة القضائية مما يعني تعارض أحكام النص القانوني مع بعضها البعض ومع المنطق القانوني.

ثانيا: من حيث تعارض المادة (75) من قانون نقابة الأطباء مع احكام المادة (16/2 ) من الدستور.
1. التعديلات الدستورية التي اجريت علي الدستور الاردني في عام 2011 أضافت اضافة جوهرية على نص المادة (16/2) عندما أضافت كلمة (…(والنقابات) بعد كلمة الجمعيات وقبل كلمة الاحزاب السياسية) فأصبحت بعد التعديل (للاردنيين حق تأليف الجمعيات والنقابات والاحزاب السياسية على ان تكون غايتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف احكام الدستور. ) وبموجب هذه الإضافة أصبح حق تأليف النقابات حق دستوري مكفول لجميع الاردنيين لا يجوز مصادرته بشكل مطلق بأي حال من الأحوال. لكن المادة (75) من قانون نقابة الاطباء قد صادرت هذا الحق عندما اعطت لمجلس الوزراء صلاحية حل مجلس نقابة الاطباء وتشكيل لجنة برئاسة وزير الصحة. ووجه مصادرة هذا الحق هو أن هذه المادة قد حصّنت قرار مجلس الوزراء من الطعن به أمام القضاء الاداري كما أنها لم تضع اطارا زمنيا يتوجب خلاله اجراء انتخابات جديده لاختيار مجلس النقابة بل تركت الامر على اطلاقه فهنا والحاله هذه قد يستمر عمل اللجنة المعينة لفترة قد تطول ويمكن أن تستمر لسنوات حيث إنه لا حدود زمنيه لعمل هذه اللجنة المعينه مما يشكل مصادرة لحق الاردنيين في تأليف النقابات.
2. قانون نقابة الاطباء وما تضمنه من أحكام في المادة (75) صدر في عام 1975 وفي ذلك الوقت لم يكن هناك تعارض مع أحكام الدستور لأن الدستور في ذلك الوقت لم يكن ينص بشكل صريح على حق الأردنيين في تأليف النقابات حيث إن هذا الحق قد تم النص عليه صراحة عام 2011 لذلك فإن الأمر يستلزم -ووفقا لما سبق- أن يتم اجراء تعديل على نص المادة (75) من قانون نقابة الاطباء وبشكل يتوافق مع التعديلات التي أُجريت على الدستور في عام 2011.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى