قتلوا شغفنا

” قتلوا شغفنا “

ابراهيم علي ابورمان

هكذا كانوا يخاطبونني بالصغر ويقولون لي غدا ستكبر و ستصبح شابا و ستكون منبع نفع لمن حولك ، وصلنا عمر ١٨ عاما و بدأت في معاصرة #الجيل الشبابي ، أخبروني عن مشوار مرحلة الثانوية العامة و إجتزناه بكل سهولة و يسر ، و ما بعد ذلك بدأ مشوار #المرحلة #الجامعية ، و في تمام الساعة الخامسة والنصف صباحا من كل يوم نستيقظ و نخرج من بيوتنا قبل شروق الشمس للذهاب إلى الصرح العلمي ولا سيما أن هناك أول خيبة واجهتنا ألا وهي وسيلة النقل إلى الجامعة و التي عجز عنها البعض في حل هذه المسألة و لا يهم إن كانت الوسيلة ستسرق منا بعض الوقت في ذلك اليوم لأجل العلم ، و للأسف كانت ردة الفعل في كلمة واحدة “بعدك شباب” ، و ما أن نصل إلى الجامعة متأخرين إلى دروسنا سنواجه مطب آخر مع الهيئة التدريسية ففي نظرنا بالفعل هذه وسائل النقل المتوفرة لدينا و في نظرهم موضوع التأخير يساهم في كمية الإحترام منا لهم وليس لنا باليد حيلة ولكننا كما يقولون ” بعدنا شباب ” وقررنا أن نحتسبها لأجل العلم سنصبر ، و أخبروني أيضا أن الجامعة هي الوسيلة التي ستعلمنا وسيلة التحاور و النقاش على طاولة واحدة وما إن وقعت أنظاري تحت موضوع في داخل تلك القاعة الصفية ليطرأ إلى ذهني ، إذا لم أحاور و أناقش كيف سنتعلم و نكتشف مؤخرا أننا وقعنا في مطب آخر ففي نظرنا بالفعل أننا نسعى لنتعلم لذاتنا و في نظرهم أننا نناقشهم و لنا غاية غير ذلك و هذا ممنوع لدى البعض ، و نحن في داخل الصرح العلمي و في الخارج سوق البطالة الذي يتزايد و ينتشر في كل مكان ، الإحباط يحيط بنا من كل جهة ، هل ما نتعب من أجله موجود بالفعل أم أنه حلم لا يتحقق إلا للطبقة العالية و للواسطة و المحسوبية ، هل نكمل مشوار الصرح العلمي و ننصدم أم نتوقف خوفا من الصدمة و ردة الفعل لا زالت هي نفسها ” بعدك شباب ” .
_نحن على الحافة بين الإرادة و مواصلة الطريق و بين الخوف من مواجهة الواقع ، لم أمنع نفسي من مواصلة الطريق و إنما هم من منعوها، بدأت أشعر أنني موجود أنا وكل شاب في ملعب كرة قدم و المباراة التي نلعبها مفتوحة الوقت و الجمهور من حولنا يهتف ” بعدكم شباب ” ، و هناك لجنة تتكون من صناع القرار و الحكام ، هناك شاب من الطبقة الفقيرة ليس له أحد و يعيش لوحده و يعمل ليلا نهارا و لم يستطع دفع رسوم تذكرة دخوله إلى الملعب ، إلا أنهم بعد قرار اللجنة قرروا منحه البطاقة الحمراء التي تمنعه من دخول أي ملعب من جديد و التي تمنعه من مواصلة الطريق للوصول والعثور على فرصة و الغريب بالأمر أن الهتافات لا زالت كما هي ” بعدك شباب ” ، و هنالك شخص عن طريق الخطأ خرج عن خط التماس بخطوة إلا أنهم وجهوا له البطاقة الحمراء وما إن خرج إتخذ الهجرة الحل الوحيد للمستقبل الذي ينتظره ، و لا زلنا نتحلى بالصبر ، و فجأة سمعنا صوت ينادي من داخل الملعب ألا و أنه شاب يمتلك فكرة و قام بعرضها على اللجنة لتكن مشروع ريادي ناجح و في وقتها أيقن الجميع أن هذا الشاب يمتلك فكرا و عقلا بوزن كبير و تم وعده بالدعم و الإنجاز ، و في صباح اليوم التالي إستيقظنا على خبر “اليوم إفتتاح مشروع شبابي بفكرة ريادية ” و الصدمة كانت إمتلاك المشروع و الفكرة لإبن أحد صناع القرار الذين هم ضمن اللجنة الموجودة بالملعب نفسه ، و الجمهور لا يزال يهتف ” بعدك شباب ” ، والله إني إنتظرت اليوم الذي أبدا بكلامي و أقول هذا الجيل الشبابي الواعد و الحاضر و المستقبل لكنني إلى الآن لم إستطع قولها ، إلى متى سنبقى ننتظر ؟ هذا الكلام ..كلام موجود داخل كل شاب يرتطم بالجدران الأربعة كل يوم ، و لا يزال الشباب الأردني ينتظر الفرصة إلا أن لجنة صناع القرار و الحكام قالوا له :عذرا أيها الشاب حان الآن موعد دخولك إلى مرحلة الشيخوخة و كبار السن .


مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى