استغاثة برحم الأبوة / د . ديمة طارق طهبوب

و الله ما أجد الساعات الطوال من سنين الشباب في تدارس آداب النصيحة و قول الحق تسعفني في هذا المقام فأصعب شيء أن تنصح من هم أكبر منك عمرا و علما و قدرا و لكن مقالة الحق تتصدر بأصغر ما في المرء: قلب حريص و لسان صادق، و المرء لا يحقره صغر سنه او تواضع علمه و لكن يحقره ان يرى ان عليه مقالة حق فلا يقولها حتى لو اجتهد فأخطأ

يا أبت…قالتها في يوم ابنة الرجل الصالح لأبيها، و في رواية اخرى ابنة شعيب، مشيرة عليه فنصحت و أحسنت النصح و خُلد قولها و استجابة أبيها لها في قرآن منزل

يا أبت و لستم واحدا و انما آباء كثر لكم فضل السبق و التربية ما آراكم اليوم تطعمنونا الا الحصرم و المر أشربتموه لنا كؤوسا و ما جنينا برياضكم سابقا الا شهدا فهل بنا عقوق ام أنكم بدلتم و تبدلتم علينا؟!

يا أبت و ما أنت واحد و لكنكم كثر ما عدت أرى من الاخلاص و التجرد و الثبات الا كلمات منمقات كتبن على ورق ليكون درس محفوظات ساكنا غير مفعل!

يا أبت و ما أنت واحد و لكنكم كثر ما عدت أرى من الاخوة و الذلة للمؤمنين و خفض الجناح سوى سيرا جميلة غابرة تروى للاستئناس و التعلل!

يا أبت و ما أنت واحد و لكنكم كثر ما عدت أرى من الشفافية و المحاسبة و الشورى الا لوائح في أدراج مغلقة تستخدم سيوفا مسلولة حينا و حينا تغيب بلا ذريعه!

يا أبت و ما أنت واحد و لكنكم كثر فقد أصبحت الفكرة معرّفة باسم فلان و نهج فلان و ما عاد الانتصار للمضمون و تحلقنا حول جاهلية الأسماء مرة أخرى!!

سمعت من الجميع و حضرت للجميع فكنت أخرج كل مرة بنفس مثقلة مذبوحة بحراب من الفريقين، كل يدعي الحق و الشرعية و قد خالط كلا الفريقين الخطأ و ما اكثر الضحايا ممن يتمسكون بفكرة خالصة ملكت عليهم حياتهم اعتناقا و عملا و تضحية و ما عادوا يرون في اطراف الخصام انعكاسا لها!

فهل نقفز عن السفينة المخروقة بأيدي ركابها في كل الطوابق من الاعلى و الأسفل؟ و هل في القفز خارجها نجاة ام مزيد ابتلاع من دوامات احاطت بالسفينة على الدوام تبغي اغراقها؟

أرأيتم ان كان الحق فيما ترونه أفلم ينزل الرسول، و هو المؤيد بالوحي، عما رآه حقا لعموم رأي الناس؟ ألم يرض خالد بن الوليد بالعزل و هو في أوج انتصاراته و تمكينه و أحقيته و قال كلمات خطها بدم بذله للاسلام طوال سنوات اسلامه غير مبدلا” لو كنت أجاهد من أجل عمر بن الخطاب و ابتغاء رضاه لتوقفت و لكني أقاتل في سبيل الله و ابتغاء وجهه الكريم و طمعا في رضاه و ثوابه فلن يفت في عضدي شيء و لن يقلل من حماسي و نشاطي شيء”
أما اولئك الذين يبررون لأنفسهم بالفسحة في الاختلاف السياسي فنقول لا أيضا فإن الأمور تقدر بمقاديرها و بسياقها و السياق العام سياق استهداف و تربص أفنزيد الوقود انسكابا و النار اشتعالا و نحن نظن أننا نهدي الناس سبيل الرشاد؟ هل هذه سياسة براغماتية مطاطية تتشكل بكل الاشكال و الاحوال ام انها سياسة وليدة مبادىء ثابتة في اصالتها و ان كانت مرنة في تطبيقاتها؟!

ألا يحتمل قليل من العور و القذى برهة أخرى لعل الوقت يُسلم للشفاء و التعافي؟ أيكون الجميع سيفا على رقبة تلك الحرمة المسماة بالدعوة و هو يدعي حمايتها؟!

يا أبت و لست واحدا و لكنكم كثر ما عدنا بحاجة لمتربص من الخارج فقد أثخنتم فينا الجراح حتى شب جيل يظن الانقسام هو الاصل و التطاول هو الدفاع و التخندق هو الولاء!!

يا أبت و لست واحدا و لكنكم كثر سلم منا الاعداء و الفساد و اشتغلنا بصفنا الداخلي تفتيتا و تمزيقا و استنساخا!!

يا أبت و لست واحدا و لكنكم كثر و هذه استغاثة من قلب مشفق حريص يرى في الدعوة الاسلامية ارثا و حقا لكل من تربى على سجادة الصلاة ليرى منها بوابة الدنيا و ان رهبنة الليل تنتج فروسية النهار و ان أبا ذر قد يضع رأسه على الأرض معتذرا ليطأها بلال، أويكون كل ذلك مجرد مثاليات و تنظير؟! أوليس اليوم ميدان التفعيل لكل هذا؟

هل ترضون ان تورثوا مسخا هجينا للأجيال في الوقت الذي تستطيعون اثبات ان المبادىء تكسب كل الحروب و تنتصر على كل التحديات في كل زمان و مكان؟!
سيقولون هذه امرأة لا تعرف ببواطن الامور و السياسة و لكن اذكركم و نفسي ببيعة العقبة الأولى سميت ببيعة النساء و كان من أهم شروطها البيعة على الصدق و ما هذا الا نصح صادق ارتأيته احياء لذلك التاريخ و عملا بتلك السنة
أما أنت ايتها الدعوة الاسلامية فوالله ما أرى حالك الآن الا قول الشاعر:
الكل مشترك بقتلكِ انما
نابت يد الجاني عن الشركاء
يا شيوخ الحركة الاسلامية من كل الاتجاهات و الاطراف لقد اطعمتمونا الحصرم بعد شهد تربينا عليه فهلا عودا و تصحيحا؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى