النمو المفقود في برامج الإصلاح / سلامة الدرعاوي

النمو المفقود في برامج الإصلاح
أصدرت دائرة الإحصاءات العامة نتائج التقديرات الربعية لمؤشرات الناتج المحلي الإجمالي بأسعار السوق الثابتة للربع الأول من عام 2016، وأظهرت النتائج نمواً بلغت نسبته 2.3بالمائة، خلال الربع الاول من عام 2016 مقارنة بالربع الاول من عام 2015.
وتشير النتائج إلى أن قطاع الكهرباء والمياه حقق أعلى معدل نمو، بلغت نسبته 16.4 بالمائة في الربع الاول من عام 2016 حسب أسعار السوق الثابتة مقارنة بنفس الفترة من عام 2015، تلاه قطاع الزراعة بمعدل نمو نسبته 6.4 بالمائة، ثم قطاع منتجي الخدمات الخاصة التي لا تهدف إلى الربح وتخدم العائلات بمعدل نمو بلغ 4.0 بالمائة، ثم قطاع المالية والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال بمعدل نمو بلغ 3.6 بالمائة، ثم قطاع الخدمات الاجتماعية والشخصية بمعدل نمو نسبته 3.1 بالمائة، تلاه قطاع النقل والتخزين والاتصالات بمعدل نمو نسبته 3.0 بالمائة، ثم قطاع الإنشاءات بمعدل نمو بلغ 2.6 بالمائة، ثم قطاع تجارة الجملة والتجزئة والفنادق والمطاعم بمعدل نمو بلغ 1.6 بالمائة.
مؤشرات النمو السابقة تظهر جليا لراسم السياسة الاقتصادية فشل الوصول الى النمو الاقتصادي الذي استهدفته مختلف خطط الاصلاح المالي والسياسات الاقتصادية التي اتبعت في السنوات السابقة.
النمو المتحقق الآن، والذي لم يتجاوز ال2.3 بالمائة، هو أقل نمو اقتصادي تحقق في السنوات ال15 الاخيرة؛ فمنذ عام 2008 والنمو يسير باتجاه سلبي عكس اتجاهاته السابقة التي كانت تراوح بين 5-7 بالمائة.
النمو المتباطئ للاقتصاد الوطني هو حصيلة غياب السياسات الاقتصادية التنموية الشاملة التي تركز على تحفيز الأنشطة الاقتصادية لمختلف القطاعات في الدولة، والتركيز على مفهوم الجباية في العلاقة مع القطاع الخاص الذي يسيطر على أكثر من 45 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، الأمر الذي يؤدي في المحصلة الى تباطؤ الاقتصاد وتراجع انتاجيته، وبالتالي عدم القدرة عل التوسع والاستثمار.
الملاحظ في شكل النمو المتحقق في الربع الاول ان قطاع الكهرباء والمياه المسيطر عليه من قبل الضمان الاجتماعي والحكومة معا، هو الاعلى نموا من بين القطاعات، وهذا أمر طبيعي في ظل تزايد عدد السكان المملكة، والذي نما بأكثر من 20 بالمائة في أربع سنوات، وبالأساس كان يجب أن يتوجه النمو إلى القطاعات التي تسيطر عليها فعاليات القطاع الخاص، كالبنوك على سبيل المثال، لكن نتيجة الاوضاع الاقتصادية وحالة الركود النسبي الذي يعيشه الاقتصاد الوطني؛ فإن القطاعات الخاصة لا تنمو بالشكل السليم والمستهدف.
غياب مسألة النمو عن برامج وخطط الاصلاح المالي تدلل بوضوح على نقص النظرة الشمولية في التعاطي مع العملية التنموية في البلاد، فالنظرة الاقتصادية الشاملة تتطلب وضع النمو على رأس أولويات أي خطة اقتصادية في البلاد، وهذا الاساس الذي يجب ان يكون عليه هدف برنامج التصحيح مع صندوق النقد الدولي، الذي فشل هو والحكومة في تحقيق النمو المستهدف في البرنامج السابق، إذ كان يتطلع الى نمو يتجاوز ال3.5 بالمائة، في حين الذي تحقق لم يزد على ال2.5 بالمائة، وهذا الامر يفسر نمو معدلات البطالة وجيوب الفقر في المملكة خلال السنوات السابقة.
Salamah.darawi@gmail.com
salamah.darawi@maqar.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى