في يوم مولدي.. شكراً لأمي

في يوم مولدي.. شكراً لأمي

كتب: النقابي خالد الزيود

في العاشر من شتاء ديسمبر عام 1963، أنجبتني أمي الحاجة حفيظة الزيود ( أم عطا الله) ووهبتني للوطن والناس، وعلمتني أن الأخلاق والإيثار بداية كل نجاح، وبداية كل محبة .

أمي يا أحلى وأطهر من عرفت: ها قد سارت أيام العمر بي مسرعة وذكرياتي معك أصبحت رغم جمالها موجعة، لكن عبق رائحتك الذي أشمه بمن حولي وفي كل مكان أقصده يبقى لطريقي نور على نور و رضى وسرور لأستمد منهم حنانك و والأحساس برضاكِ، فقد شققت طريقي وأصوات دعواتك تحفر لي طريق النجاح تلو النجاح والفضل لله ببركة دعواتك يا فقيدتي الموجودة بكل زوايا مكاني.
هي أمي هي أمتي هي كياني و لباقتي
يا من كانت ترتب لي حكايا قديم الزمان وحاضر الحياة… كانت الحكيمة التي علمتني الحياة بكل اسلوب وبكل موقف.
وبعد ستة أعوام فقدان عانيتها بفقدان أوفى كيان وأصدق إنسان
يا من كانت ترتب لي أجزائي لأستجمع واستلهم منها الهمم العالية .
رغم تعصبي بمراحل الحياة المختلفة وصعوبة المواقف التي مرت علي بمسيرتي الرياضية منها والعمالية و المهنية ، إلا أنني كنت دائماً أرى أمي تبتسم بوجهي غير عابسة، راضية عني غير غاضبة وتقبلني بين عيني وتوصيني بأن أكون كما أرادتني واقفاً رغم الضغوطات وأنه لا يليق بي إلا ما أنا عليه الآن للوطن ذخراً ولمن هم حولي سنداً بحجم الوطن.

كم كنتِ توصيني بأن أكون صادقاً قوياً في كل موقف وخطوة فقد كنتِ أنتِ مصدر قوتي وعزيمتي بكل خطوة وكنتِ تعطيني الأمل بالنجاح و في نهاية المطاف أراكِ ايضاً مبتسمة و ألمح في عينيِ النصر والراحة الممزوجة بالفخر ويعتليها كلمات التطمين والتبشير والكبرياء العظيمة :(( قلتلك وكلها لرب العالمين ما دامك ساعي لحقوق هالعباد ، ربك معك ))
كم كنت أحاول مراراً وتكراراً أن لا اشغلها بالقضايا العمالية والعمل العام حتى لا أكون سبباً لهمها علي وعلى عملي ، وفجأة أراني جالساً بمجلسها وأروي لها وافضفض لها كل كبيرة وصغيرة .

تملك امي من الرقة الكثير فأحياناً كثيرة كانت الملاذ و السند بعد الله وكنت احاول ان أتعلم منها الصبر والمثابرة كما لو أنني لا ارى سواها، أحياناً اتعلم منها القناعة بالقليل فيأتيني بفضل الله الكثير ، وأحياناً اتعلم منها الرفض للقهر والظلم واستغفر الله الحي الذي لا يموت عندما حاولت أن ارفض لأمي فكرة الموت الذي لا مفر منه ومن أحضانه
فيوم تلقيت خبر وفاتها علمت وقتها كم كانت امي حكيمة بالحياة وكم حاولت ان تدس في انفاسي القدرة على تحمل هذا اليوم العصيب منذ يوم مولدي و هي تعلمني كم يحمل العالم من جراح ورغم ألم ومعاناة الجرح فنحن بعون وقوة الله واستعانتنا به نتجاوز ونستبدل الحزن بالفرح واليأس بالأمل والهمم العالية والطموح لنبقى كما كنا اقوياء بالعزيمة و دائماً داعمين لإستحقاق الحق.
فمنذ أن أوثقت خطاي بأخر شهر في العام والمطر و رائحة المدفأة في بيتنا يا غاليتي
مع صوت ماكينة الخياطة التي كانت جزء من بيتنا الكبير و رمزاً لمحبتنا و جمعنا الجميل والأصيل
….امي سامحيني لأنني أذكرك في كل حين وحين وبكل موقف و بكل محفل أو جمع غفير فسلام عليك بيوم مولدي
سلام عليك بيوم الصرخة التي اتت بي للحياة
وسلام على المكان والزمان وعلى الإنسان
وعلى كل الذاهبين في عمق الطريق وهم بصمت يتابعون الصوت المسكون في كل مكان.. يسيرون إلى قداسة المعنى ورحابة الصورة يقطفون من آخر الطريق تينا وزيتونا.. ويمسكون فراشات السماء.. في وقت يعلن الربيع سطوته رغم أنف الفصل الشتوي. وأعلن انا بيوم مولدي أنني العاشق المسكون بكل سيرة العشاق… الحامل بدمي عطر أمي رغم بعد المسافات
وقتها وبهذا اليوم يصبح الطريق مبصرا ويغيب العمى
ونصبح أكثر ادراكا لمفهوم العمر
السريع
في حب الله سبحانه وتعالى وبحلاوة الصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد
اللهم قوة في صبرنا
اللهم ثبات في ديننا
اللهم ارحم أمي وارحم ابي وارحم امواتنا أجمعين برحمتك يارب العالمين
‏اللهم يا مسخر الجبال الراسية وملين القلوب
القاسية وهادي العباد العاصية سخر لنا جنود
الأرض وملائكة السماء
اللهم جنبنا أذى الدنيا وحيرة النفس وحزن
الليل وبكاء القلب وسوء الخاتمة
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء وسيء الأسقام
اللهم طهر ارض فلسطين العز والكرامة من دنس الغزاة الصهاينة الغاصبين
اللهم آميييين يا أرحم الراحمين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى