الخديعة الكبرى – 8 / د . هاشم غرايبة

الخديعة الكبرى – 8

النظام المصرفي الإسلامي :
بداية، يجب التأكيد على أن موجة ظهور المصارف الإسلامية في السنوات الأخيرة، لم تكن صحوة إسلامية ، لأن جميع الأنظمة الإسلامية والعربية ليبرالية المنهج ، وليس فيها من المنهج الإسلامي إلا اليافطة ، وقد بدأت ظاهرة انتشار هذه المصارف في الباكستان وإيران ثم لحقت بها الأنظمة الخليجية والعربية الأخرى، وبهدف جذب الودائع التي كان كثيرون يحجبونها عن المصارف التجارية خوفا من الوقوع في الحرام كونها ستستخدم في عمليات ربوية .
إن فلسفة الإقتصاد الإسلامي هي وضع المال في خدمة المجتمع، وإيجاد أنماط محددة لتوزيع الدخل والثروة لتحقيق العدالة الاجتماعية.
ولما كان المال من الله، واعتبره وكأنه ملكية جماعية للمجتمع في قوله تعالى ” ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل “، فإن واجب من استخلفه الله فيه أن لا يكنزه بل يسخره لمنفعة المجتمع، لذلك فالعمل المصرفي مباح بهدف أن يشارك المال في انعاش السوق باستثماره تجاريا، شريطة ألا يناله تحصين من مخاطر السوق، فيكون له نصيب في الربح والخسارة مثلما هو للعمل وبذلك يختلف عن الربا.
بالتطبيق تبين انه من الممكن حقاً وضع إطار منطقي لنظام المشاركة في الأرباح والخسائر عن طريق استخدام تحليل المخاطرة وعدم التأكد، كما يبقى النظام المصرفي الإسلامي أكثر ملاءمة من حيث قدرته على التكيف مع الصدمات التي تنجم عن الأزمات المصرفية واختلال عمل جهاز المدفوعات بالدولة. ويرجع السبب في ذلك إلى أن النظام الذي يقوم على الاشتراك في الملكية والذي يستبعد أسعار الفائدة المحددة مسبقاً ولا يضمن القيمة الاسمية للودائع، هذا النظام حين يواجه ظاهرة حدوث صدمات لأوضاع الأصول، يسمح بامتصاص هذه الصدمات فوراً عن طريق التغيرات في قيم الأسهم (الودائع) في حوزة الجمهور.
إن المشاركة في الأرباح والخسائر بين البنوك والمودعين ستكون طبقاً لمبدأ أن المودع سوف يعامل كما لو كان من حملة أسهم البنك، وبالتالي يحق له نصيب في الأرباح التي يحققها هذا البنك. ويتسم النظام بالتجانس، بحيث يشارك المودع في خسائر البنك وتنخفض بالتالي القيمة الاسمية لوديعته. وعلى الجانب الآخر من ميزانية البنك، لا يستطيع البنك أيضاً أن يفرض سعراً ثابتاً للفائدة على قروضه، ولكن عليه أن يدخل في نوع من أنواع الترتيبات على أساس المشاركة في الأرباح والخسائر.
السياسة النقدية:
تتميز فلسفة المؤسسة المالية الإسلامية أنها ذات رسالة اقتصادية واجتماعية كونها تبحث عن المشاريع الأكثر نفعا وليس مجرد الأكثر ربحا بالإضافة الى أنها تحمل صفة الايجابية بسبب تفاعلها مع أفراد المجتمع عن طريق دعوتهم الى المشاركة في الاستثمارات لغرض تحقيق عوائد شخصية وعامة في آن واحد .
منذ عام 1971 الغي الرئيس الأمريكي نيكسون غطاء الذهب عن الدولار فأصبحت العملات في مهب الريح .
ولضمان الإستقرار النقدي الذي هو من أهم ضمانات درء المخاطر الإستثمارية، فإن المعتمد في النظام المالي الإسلامي للتعاملات النقدية هما النقدان ( الذهب والفضة ) وهما أكثر إستقرارا وأمانا عندما يكونان غطاء للعملة .
أسواق الأوراق المالية ( البورصة ):
يغلب على هذه الأسواق بيع ما لا يملك الى من لا يقبض ما اشتراه، وفي ذلك مخالفة للشرع لما ثبت عن النبي (ص) أنه نهى عن بيع المرء ما ليس مستحوذا على ملكيته، ورغم أنها تجارة واقعة فرضت نفسها إلا أنها تقع في معظمها تحت باب الإقتصاد الوهمي.

بهذا نكون قد أستكملنا النبذة عن الجانب الإقتصادي في الدولة الإسلامية المأمولة، وسنكمل في الجانب الإجتماعي غدا بإذن الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى