الاهتزاز ومشاعر الاعتزاز / جروان المعاني

الاهتزاز ومشاعر الاعتزاز
كثيرا ما سمعت مقولة انه المُضحك المُبكي، وهي مقولة تنطبق كثيراً على حال الأردنيين الذين تتناوب عليهم الصدمات فأفقدت الكثير منهم اتزانه فحار بين الضحك والبكاء، ودوما للسلطة التنفيذية بكل أذرعتها الدور الأول في إبكائنا، لتعود السلطة التشريعية لتضحكنا من خلال مواقفها التشريعية حيث تتحول ال (لا) إلى (نعم) ولعل الجدل القائم على قانون الضريبة الجديد مثلاً صارخاً والأمثلة تتجاوز حدود الضحك والبكاء إلى الشعور بكم الغباء والعمى.
محاولات عديدة وتصريحات كثيرة تقول: أن القانون الجديد لن يؤثر على الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، وهو أمر عارٍ عن الصحة حيث أن أصحاب الدخولات والأرباح الهائلة سيعودون لإخراج الفروقات التي ستحدث جراء الضريبة من جيب الموظف وعمال النظافة وأصحاب البسطات، فبكل بساطة أصحاب المشاريع الكبرى هم من ورثة السلطتين التشريعية والتنفيذية، لذا فقبل الحديث عن قانون الضريبة علينا الحديث عن قانون إشهار الذمة المالية حتى نبتسم ونثق بضحكتنا.!
كنت قد تابعت كلمات جلالة الملك بعناية كبيرة حول موضوع التهرب الضريبي ومع فرحي بما قاله إلا أنني حين نظرتُ لمن حوله أدركتُ حجم الخذلان الذي نحن فيه حيث أن مفهوم التهرب الضريبي بالنسبة لهم لا يعدو كونه فرصة للمزاودة والمراودة بين السلطتين على عفة الشعب الأردني وقدرته على الصمود بوجه الفقر ونتائجه وطلبهم للأمن والأمان.
سمعت في الإخبار عما حدث لبريد صويلح وعمن سرقن 26 الفاً من الدنانير لسداد ديونهن بالاتفاق مع صاحب سوابق حيث أن نشامى الأجهزة الأمنية فكوا لغز السرقة بسرعة قياسية، فضحكت فرحاً، لكن فرحي لم يطُل إذ سرعان ما انتشر خبر سرقة مئات الألوف من الدنانير من خلال سرقة كهرباء الضغط العالي علما أن شركة الكهرباء سبباً أساسياً في خراب وعتمة بيوت الأردنيين، فقلت ليت ان السلطة التنفيذية تصدق في معاقبة الفاعلين لكني بكيت لعلمي ان من تهربوا عن دفع مستحقات فواتيرهم للحكومة هم نفسهم من سيطبقون قوانين التهرب الضريبي، وهم نفسهم الذين أضاءوا مزارعهم على حساب فلس الريف الذي وجد لمساعدة بيوت الفقراء .
حين تسمع لتصريحات رجال لدولة الأردنية تعتقد أننا قريبا سنكون دولة عظمى فتضحك، فما ان تتذكر موضوع الابراج والباص السريع حتى تعود سريعا للبكاء، وحينها تدرك أنك عندما تتحدث في المثاليات لا يعني انك مثالي، تماما كالديمقراطية في بلادنا السيد فيها من كان رجال عشيرته أكثر برجلين، ويحمل في جيبه أكثر منك بدينارين حينها تكون قاعدة الديمقراطية المثالية (عدي رجالك عدي من الأقرع للمصدي) والغلبة للقوي ولو كان غبياً.
وأخيراً وبعيداً عن المناورات العسكرية بين الجيش المصري وجيش إسرائيل الذي لا يُقهر والتي تأتي بمناسبة ذكرى حرب اكتوبر الذي قتلت فيه إسرائيل كرامة الأمة بعدما حققنا نصراً مزيف، وبعيدا عن مصالحات فتح وحماس المزيفة التي سرعان ما ستتحول لسياسة كسر العظم، وبعيدا عن خوفنا من الغد الأردني المهدد بالانفجار بعيدا عن تهديدات ترامب للسلام في لعالم ومحو كوريا، أقول أننا كأردنيين بدأنا بمرحلة الاهتزاز الذي سيثر البركان، وأسقطنا من حسابنا كل اعتزاز بالصمود والتفاخر بحالة الأمان، فكل السارقين هم أنفسهم دعاة المثالية والوحدة الوطنية، فيا ربنا سلم .!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى