طبّوع الجلّة
مع بزوغ الشمس بخيوطها الذهبية ها هي زريفة تتمتم وتقول : وشو عبالها تشان بي ناس بهالدار والله مهي دارية عنهم . والمقصودة هي كنتها سليمة .
ينفد صبر زريفة لتصيح وتقول : هيييييي يا سليمة بعدتش نايمة ما تقومي تخبزي الدنيا اظهرت وانتي ولا على بالتش . لكن الجواب اتاها من ابنها طايل زوج سليمة فقال : يما سليمة مش هون راحت تجيب طبابيع جلّة (( الجلّة : هي روث البقر بعد ان يجف ويستخدم كوقود او للتدفئة )) . فترد عليه زريفة : طيب ولويش ست الحُسن ما جابتهن من امسات ولا على ايديها نقش الحِنا, على كُل حال بس تيجي خليها بوجهه عالطابون هاظا اني عجنت العجنة وخمرتها .
تدخل سليمة وعل رأسها سلة قش مملؤة بطبابيع الجلّة لتعاجلها زريفة بقولها : والله وياهلا بدري يا بعد عمري لويش مستعجلة عمهلتش ما حدا لاحقتش بعصاه . سليمة تكمظ غيظها وترد على زريفة بقولها والله يا عمتي من امسات بدي اجيب الجلّة بس مابقتش ناشفة لأني لتشعتها لحجارة السنسلة قبل يومين وبعدهن خُظر ولليوم يا دوب نشفن .
(لتشعتها : الصقتها بحجارة السنسلة يعني زي ما تقولوا قصارة )
تختصر زريفة الحوار بعدما رأت أن عذر سليمة منطقي وتقول لها طيب نزلي هالمتشفية عن راستش روحي اخبزي هظاك العجين قدامتش بالطابون ( غرفة الطابون) ترى اني فجيت الستشن وجهزته للوقدة .
سليمة واثناء توجهه للطابون تتمتم قائلة : اميت الله بدو يريحنا منتش ويوخظ وداعته , وتباشر بوضع طبابيع الجلة داخل فرن الطابون لتُكمل عملية الخبز . بالمقابل مثقال كان قد سمع حوار زريفة وكنتها ولم يُعجبه تعامل زوجته زريفة مع سليمة فيقول لها يا حُرمة خفّي عن هالبنت شوي لا تهجيجيهاش من هالدار .. هاظا هي ماشاالله عنها والله خادميتنا تقول انها بنتنا وزيادة . تهز زريفة رأسها وهي تقول على ايش شايفة حالها بنت ابوعوظ ابو القمل ما تُحمد ربها وتبوس ايدها وجه وقفا اي هي بقت لاقية لُقمة الخبز عند دار ابوها . يستشيظ مثقال غظباً ويقول : اسمعي تا اقولتش خفّي عن هالبنت ولا تظلكيش تبلشي بيها وتعاييها فاهمة ولا لا … والله انها مثل الليرة الذهب .
صحيح علاقة زريفة وسليمة كعلاقة القط والفأر , ولكن سليمة تربت على الأخلاق الطيبة عند والدها لم ولن ترفع صوتها في وجه عمتها , صحيح هي تُتمتم وتلعن وتسب ولكنها تحرص على عدم الإصطدام مع عمتها في العلن .
هذه الأيام اصبحت العلاقة ما بين الحماة والكنة في غالبية الأحيان كالأم وابنتها ولكن للأسف لا تزال فئة قليلة من الزوجات عدائية مع أهل الزوج لدرجة أن بعضهن تطلب من زوجها التخلص من أهله وخصوصاً الطاعنين في السن لينتهي بهم المطاف في دور رعاية المسنين .
بسم الله الرحمن الرحيم
وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا .
صدق الله العظيم
