فوضى التصريحات!

فوضى التصريحات!
أ.د أمل نصير

غريب ما يحدث في وطني هذه الأيام من كثرة التصريحات المتلاحقة والمتناقضة والمتغيرة في آن! بحيث أربكت الناس، فمن حال كورونا التي نشفت وماتت إلى انتشارها بحالات مضاعفة، وعودة إلى الحجر…ومن العودة إلى المدارس والجامعات إلى التدريس عن بعد إلى المدمج، ولا مجال للدخول في تفاصيل هذه التصريحات لكثرتها، وعدد مرات تغييرها، وأعداد المصرحين، والخلاف بين مصرح وآخر، والتناقض بين تصريح وآخر أيضا، فالكل يصرح سواء أكان متخصصا أو غير متخصص…
كان آخر التصريحات وأكثرها جدلية إقامة مهرجان جرش، فبعد يوم واحد تغيّر التصريح من السماح بعقده إلى عدم السماح! كل هذا في إطار تبريرات غريبة لإقامته، بحجة أنه يقام منذ عام ١٩٨٣، ولا أدري ما المستهجن من إيقافه طالما عدد حالات المصابين يزداد يوميا، علما أن الصلاة بالمساجد والكنائس _مثلا _ تقام منذ قرون ومع ذلك حينما استدعت الجائحة إغلاق دور العبادة تم إغلاقها.
نتفهم أن عددا من التصريحات بُررت لأن جائحة الكورونا فاجأت العالم أجمع، وبإزاء ندرة المعلومات حولها وُضع عدد من المسؤولين في حرج التصريحات المتغيرة، لكن هذا لا يبرر وضع المواطنين في بلبلة دائمة لاسيما أن الناس يتطلعون إلى المعلومة الثابتة ليرتبوا أمور حياتهم وهم على أبواب عام دراسي جديد وبعد فوضى الشهور الأخيرة.
يمكن للحكومة ببساطة أن تقلل من التصريحات والكلام غير الثابت، وغير المفيد أيضا، وتتجه بدلا من ذلك إلى دراسة كل قرار دراسة مستفيضة من قبل جميع المعنين، والتمهل في إعلانه حتى تتضح الرؤيا نسبيا، وبعدها يترك للمسؤول المتخصص التحدث عنه، وإلا ترك الأمر للناطق الإعلامي للمؤسسة، ولا بد أن تكون هذه التصريحات مرتبطة بتطورات الكورونا مع وجود خطة بديلة في حال تغير حالها، ويعلن عنها بصراحة ووضوح، وتربط بفترة زمنية معقولة، لكن أن يبقى الحال هكذا، فإنه يزيد من تراكم الضغوط على المواطن الذي لديه ما يكفيه، والمجتمع في حالة فوضى، وتبقى الثقة بالحكومة في تراجع مستمر.
الحكومة غير مسؤولة عن الجائحة، وأبلت بلاء حسنا في المرحلة الأولى، لكنها الآن وبعد الكشف عن (التفاصيل) أصبحت تُدخل المواطن في تفاصيل جديدة ترهقه، وتضعه في حالة من عدم اليقين، وفي المقابل باتت تخسر رصيدها من ثقة المواطن، فانعكس هذا كله على تعامل المواطنين مع موضوع الكورونا، وبات التشكيك بوجودها والحديث عن المؤامرة رغم انتشارها في العالم كله هو سيد الموقف؛ مما أوصلنا اليوم إلى مرحلة مقلقة من انتشارها.
العودة إلى بناء الثقة بين المواطن والحكومة هو المطلوب اليوم، ووقوف الجميع في مواجهة الجائحة دون تحميل فئة من المواطنين دون غيرها الأضرار الناتجة عنها سيقلل من نتائج هذه الجائحة، وسيزيد من التزام المواطن بأسباب السلامة العامة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى