بَبّور و سطل !!! / د . ناصر نايف البزور

بَبّور و سطل !!!
الدكتور ناصر نايف البزور
في لقاء تلفزيوني مسجّل مع أحد “رجالات الوطن”، و هو وزير سابق في عدّة حكومات و اقتصادي فهمان لا يُشق له غُبار، انتقد معاليه المشككين في إنجازات الحكومات المتعاقبة و قال: انظروا إلى المدن الأردنية كيف كانت قبل أربعين عاماً و كيف أصبحت اليوم… طرق معبّدة، و مدارس و مستشفيات و جامعات، و ملاعب!!! و كان لسان حاله و مقاله يوبّخنا و يصفنا بأننا “جاحدين” … 🙁
كنتُ وقتها قد عدتُ من تمرين اللياقة و الحديد و كان الحمّام الساخن المميّز جاهزاً ” بكبسة زر”… بانيو… بخار…أنواع مختلفة من الشامبو…!! عندها قادتني مقاربة صاحب المعالي للعودة إلى الوراء بذاكرتي أربعين عاماً بالتمام و الكمال… 🙁
أجل فقبل أربعين عاماً كانت الإمكانات في معظم البيوت الأردنية شحيحة يا صاحب المعالي و الغبطة و العظمة… كُنّا إذا أردنا الاستحمام في أجواء البرد نُفكّر ألف مرّة و مرّة… كان الكاز لا يتوفّر بسهولة و بالتالي فقد كان وجود ” البَبّور” شرطاً رئيساً للحمّام… كانت طقوس تشغيل الببّور و “دكّه” و “نكشه” لا تُنسى… كنّأ “نسكر” من حيث لا ندري على رائحة عطر الكاز الفاخر 🙂
و لم تكن عملية تعبئة سطل الماء بعلبة النيدو “المصديّة” من البرميل المهترئ و المتجمّد في ساحة الفيلا أي “الخُشّة” أيسر حالاً… 🙁
قضينا طفولتنا و بعض مراحل شبابنا و نحن نعيش على الببّور و السطل حتّى منَّ الله علينا بفضله…. فاجتهدنا و درسنا و قضينا عقوداً من الزمن نعمل و نشقى في بلاد الغربة حتّى جمعنا بعض المال، و بنينا بيوتاً فيها بعض وسائل الراحة التي ننعم بها اليوم…
ليس لحكومتك أي فضل في بناء بيتي و تجهيز حمّامي الساخن… و لو كان الأمر بيدك لبقينا حتّى اليوم نتمنّع برائحة البريموس مع كل حمّام أسبوعي أو شهري… و هذا هو الحال بالنسبة لما ذكرتموه من مدارس و جامعات و تعبيد طرُق؛ فالفضل لأبناء الوطن الذين عملوا و كدحوا و صبروا حتّى شيّدوا بنيانه بمالهم الخاص و العام…. 🙁
أنت و أمثالك يا صاحب المعالي هم الذين اعتاشوا على عرق و دم هذا الشعب دهوراً و لولا الشعب و ما يدفعه من ضرائب و ما يعود به من عملة صعبة لكُنتَ أنت و ربعك يا صاحب المعالي ما زلتم تستحمّون بالسطل دون هدير الببّور 🙁 و الله أعلم و أحكم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى