الاحتباس الأردوغاني!! / صالح عربيات

الاحتباس الأردوغاني!!
انتهى الانقلاب في تركيا قبل حتى أن يعرب بان كي مون عن قلقه، ويقال إن زوجا خرج من منزله ليلة الانقلاب ليسهر مع أصدقائه فاتصلت زوجته لتقول له: في تركيا حدث انقلاب، ونزل الجيش إلى الشوارع، وتمت السيطرة على المطارات والجسور، وعاد أردوغان للحكم وأنت لم تعد للمنزل بعد، وللعلم هو أسرع انقلاب فاشل في التاريخ الحديث، فنصف عواجيز تركيا ناموا باكرا وأردوغان رئيسهم، وفاقوا باكرا ومازال أردوغان رئيسهم ولم يشعروا بأن هناك أنقلابا قد حدث!!

لم يحتج إلى دبابات ولا إلى صواريخ ولا إلى تدخل مجلس الأمن لنجدته، فقط مكالمة مجانية مدتها عشر ثوان، أنزلوا الى الشوارع، فهبت الجماهير سمعا وطاعة وجعلت الدبابات لا تستطيع الحركة سنتيمترا واحدا أمام الحشود الشعبية!!

تخيل حجم هذا الولاء والحب، عريس يترك زفافه وليلة العمر وينضم الى الحشود، وعجوز تترك أدويتها وقياس الضغط وتتعكز حتى تنضم الى الحشود، وشاب يغامر بحياته ومستقبله وينبطح أمام الدبابة.. فحين تخدمهم بإخلاص ولا تسرقهم، وتصنع لهم نهضة بالأرقام وليس بجهاز الكفتة، وتأتي عبر صناديقهم لا عبر الإعلام الزائف والأرجوزات والدبابات، من الطبيعي ان تصبح حلمهم الاخير!!

في بلادنا الحناجر تهتف بإسقاط النظام، وفي تركيا تحمي الحناجر النظام، في بلادنا لم يتحمل سقوط أحد الانظمة مسيرة بالعشرات، وفي تركيا دبابات وطائرات وجيش وصمد النظام، في بلادنا حين تنفجر أنبوبة غاز لا يستطيع الزعيم العربي — من الخوف — ان يتحكم بريموت التلفاز، وفي تركيا انقلاب عسكري وتحكم الرئيس بكل أجهزة الدولة!!

مقالات ذات صلة

لم يتحقق ذلك، الا كون ديمقراطيتهم نزيهة شفافة والحكم فيها للشعب، وديمقراطيتنا غريبة عجيبة وحكم 99 % فيها لكبسة الزر!!

تعجلوا بالفرحة لسقوطه، فقط لأنهم بجانب إنجازات هذا العملاق أقزام.. فلا يقف مع العظماء الا العظماء، ولا يعادي العظماء الا الأقزام، لا يريدون أردوغان ليس لأنه أحلى منهم شكلا، او سرق خيراتهم، او احتل بلدانهم، فقط لسبب بسيط هو أن الشعوب تغار من بعضها البعض، فحجم إنجازاته مقارنة مع اخفاقاتهم أصبحت مكشوفة، وأرعبتهم لدرجة أن الشعوب العربية أصبحت تعاني من الاحتباس الاردوغاني في سلطاتها مثلما تعاني من الاحتباس المطري أنهرها وبحارها!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى